النذر، ومحمد بن جرير الطبري، وبقي بن مخلد، ومحمد بن عبد السلام الخشني وغيرهم. ما منهم أحد أتى إلى إمام قبله، فأخذ قوله كله فتدين به بل كل هؤلاء نهى عن ذلك وأنكره ولم أجد أحداً ممن يوصف بالعلم قديماً وحديثاً يستجيز التقليد، ولا يأمر به. وكذلك ابن وهب، وابن الماجشون، والمغيرة بن أبي حازم، ومطرف، وابن كنانة لم يقلدوا شيخهم مالكاً في كل ما قال بل خالفوه في مواضع واختاروا غير وقوله. وكذلك الأمر في زفر، وأبي يوسف، ومحمد بن الحسن، والحسن بن زياد، وبكار بن قتيبة، والطحاوي. وكذلك القول في المزني، وأبي عبيد بن حربويه، وابن خزيمة، وابن سريج فإن كلاً منهم خالف إمامه في أشياء واختار منها غير قوله. ومن آخر من أدركنا على ذلك شيخنا أبو عمر الطلمنكي فما كان يقلد أحد وذهب إلى قول الشافعي في بعض المسائل والآن محمد بن عوف لا يقلد أحداً، وقال بقول الشافعي في بعض المسائل، إلى كثير من سلف وخلف لو ذكرتهم لطال الخطب بذكرهم، ثم أنشد لنفسه قصيدة في الاجتهاد قال في آخرها:
واهرب عن التقليد فهو مضلة ... إن المقلد في سبيل الهالك
تأبونه في العقل، وهو مقالكم ... في الدين يا له من ضلال فاتك
هذا ما نقلته من كلام ابن حزم.
وقوله في أوله: لا يقلد أحد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم سبقه إليه الشافعي رضي الله عنه، فقال في مختصر المزني في باب القضاء: ولا يقلد أحداً دون رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال عوض بن أحمد الشرواني من أصحابنا في خطبة كتابه "المعتبر في تعليل المختصر" وهو شرح لمختصر المختصر، للشيخ أبي محمد الجويني ما نصه: سألني بعض من شغف بهذا الكتاب أن أشرحه بالدليل والتعليل، ليعرف الأدلة ومعانيها، ليكون على هدى البصيرة لا على عمى القلب، فسمى التقليد عمى.