وانفراد المخالف لهم في ذلك، وشذوذه عما هم على تخطئته مجمعون، وكفى بإجماع الحجة على تخطئة قراءته شاهداً على خطئها.
والثاني: أن "الختم" غير موصوفة به العيون في شيء من كتاب الله، ولا في خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا موجود في لغة أحد من العرب. وقد قال تعالى في سورة أخرى:{وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ}[الجاثية، الآية: ٢٣] ، ثم قال:{وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً}[الجاثية، الآية: ٢٣] فلم يدخل البصر في معنى الختم. وذلك هو المعروف في كلام العرب. فلم يجز لنا ولا لأحد من الناس القراءة بنصب الغشاوة، لما وصفت من العلتين اللتين ذكرت – ثم ذكر شواهد على ذلك من الآثار – وذكر بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله:{خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ}[البقرة، الآية: ٧] والغشاوة على أبصارهم. وبسنده إلى ابن جريج قال: الختم على القلب والسمع، والغشاوة على الصر. قال الله تعالى ذكره:{فَإِنْ يَشَأْ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ}[الشورى، الآية: ٢٤] ثم قال {وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً}[الجاثية، الآية: ٢٣] و"الغشاوة" في كلام العرب: الغطاء، ثم ذكر له شواهد من أشعار العرب. انتهى.
فهذا المعترض ليس بأهل لأن نضيع الوقت بالرد عليه لأنه ساقط عن درجة العقلاء، فضلاً عن العلماء. ولكن لكل ساقطة لا قطة، فوجب رده عن غيه لئلا يغتر من لا تمييز عنده بين الحق والباطل.