فترجحوه على المنسوخ؟ وهكذا في سائر الأقسام التي تتوقف صحة الحكم على معرفتها. وأنتم لا تجدون في كتب الحديث بياناً ولا إشارة تهديكم إلى الصواب أيجوز لكم الترجيح بمجرد الظن والتخرص؟ هذه زندقة إسلامية، ثم قال: وأما قولكم إنكم ما خرجتم عن الإجماع، فهذا هو المغالطة لأنا بينما كنا نباحثكم عن إجماع الفقهاء والتعبد والتعامل: التجأتم إلى الإجماع على كتب الحديث. ومع هذا فأخبرونا متى أجمعت الأمة على التعبد والتعامل بصحيح البخاري أو غيره؟ وأي عالم أو فقيه أفتى في حكم عن البخاري أو غيره؟ " إلى آخر ما هذى به من الجهل والتخليط الذي لا يعقل.
والجواب: أننا أوردنا كلام هذا الملحد الأحمق جملة واحدة. لأن كله منكر من القول وزور. لا يحتاج إلى رد، ولا تحليل إن لم يكن صحابه مصاباً في عقله. فإنه مروق من الإسلام وخوض في دين الله بالباطل مع الخائضين. فلقد تهور هذا الملحد بذكر الناسخ والمنسوخ من الكتاب والسنة، حيث جعله عقبة كأداء دون فهم الكتاب والسنة وأنه لا يفهم هذا العلم إلا أفراد قليلون من هذه الأمة، وأن هذا هو أعظم سبب لعدم جواز العمل بنصوص الكتاب والسنة، ووجوب التقليد كما زعم أيضاً أن الناسخ والمنسوخ أوسع أسباب الاختلاف بين الصحابة والتابعين والأئمة، مع كذبه أيضاً على أئمة أهل الحديث بأنهم ما تعرضوا لبيان شيء من علوم الكتاب والسنة، بل سردوا الأحاديث سرداً في أبوابها على علاتها، وأن أحاديث الرسول متعارضة، وليس يوجد في كتب الحديث بيان ولا إشارة تهدي إلى الصواب. وأشنع من ذلك: زعمه الباطل بأن أخذ الأحكام من نصوص الكتاب والسنة وترجيح الراجح بما دلت عليه من الأحكام: ظن لا يفيد اليقين، بعد الأخذ به وزندقة لا إسلامية. وهذا كلام في غاية الفحش والنكر، يدلنا دلالة صادقة على أن قائله مسلوب العقل والإيمان نعوذ بالله من ذلك.