وغيرها ولا يخرج بشيء من ذلك أحد منهم عن العدالة لأنهم مجتهدون اختلفوا في مسائل من محل الاجتهاد كما يختلف المجتهدون بعدهم في مسائل من الدماء وغيرها ولا يلزم من ذلك نقص أحد منهم وليعلم أن سبب تلك الحروب ان القضايا كانت مشتبهة فلشدة اشتباهها اختلف اجتهادهم وصاروا ثلاثة أقسام:
(قسم) ظهر لهم الاجتهاد أن الحق في هذا الطرف. وان مخالفهم باغ فوجب عليهم نصرته، وقتال الباغي عليه فيما اعتقدوه ففعلوا ذلك ولم يكن يحل لمن هذه صفته التأخر عن مساعدة إمام العدل في قتال البغاة في اعتقادهم.
(وقسم) عكس هؤلاء ظهر لهم بالاجتهاد أن الحق في الطرف الآخر فوجب عليهم مساعدته وقتال الباغي عليه.
(وقسم ثالث) اشتبهت عليهم القضية وتحيروا فيها فلم يظهر لهم ترجيح أي الطرفين فاعتزلوا الفريقين وكان هذا الاعتزال هو الواجب في حق هؤلاء لأنه لا رجحان ولا يحل الإقدام على قتال مسلم حتى يظهر أنه مستحق لذلك ولو ظهر لهؤلاء رجحان أحد الطرفين وأنه الحق لما جاز لهم التأخر عن نصرته في قتال البغاة عليه، فكلهم عدول رضى الله عنهم ولهذا اتفق أهل الحق ومن يعتد به في الإجماع على قبول شهادتهم ورواياتهم وكمال عدالتهم رضي الله عنهم أجمعين.