و (العبادة) هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة. كالتوحيد، والصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والوفاء بالعهود، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجهاد الكفار والمنافقين، والإحسان إلى الجار، واليتيم، والمسكين، والمملوك من الآدميين، والبهائم، وكذلك الدعاء والذكر، والقراءة، وحب الله ورسوله، وخشية الله والإنابة إليه، وإخلاص الدين له، والصبر لحكمه، والشكر لنعمه، والرضاء بقضائه، والتوكل عليه، والرجاء لرحمته، والخوف من عذابه، وغير ذلك من العبادة التي شرعها الله لعباده وأمرهم بفعلها خالصة لوجهه، وذلك أن العبادة لله هي الغاية المحبوبة لله، والمرضية له. التي خلق الخلق لها كما قال تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} وبها أرسل جميع الرسل، كما قال نوح لقومه:{اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} وكذلك قال هود وصالح وشعيب وغيرهم لقومهم وقال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ} وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} وقال تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} إلى غير ذلك من الآيات الظاهرة المحكمة إلى يوم القيامة.
وأما الآيات المحكمات اللاتي هن أم الكتاب، فهي المبينات المفصلات سميت بذلك لظهورها ووضوح معناها المراد منها.
وأما الآيات المتشابهات فقال محمد بن إسحاق بن يسار هن ما تحتمل دلالتها موافقة المحكم، وقد تحمل أشياء أخر من حيث اللفظ والتركيب، لا من حيث المراد. فالمتشابهات في الصدق لهن تصريف وتحريف وتأويل ابتلى الله فيهن العباد كما ابتلاهم