[قول الخصم كيف يقال طلب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم إشراك والجواب عنه]
وأما قوله:(إذ مع الاعتراف بأنه صلى الله عليه وسلم الشافع المشفع ورجاؤه شفاعته كيف يقول طلب شفاعته إشراك في العبادة) .
فنقول: وإن وجب على كل مسلم الإيمان بشفاعته صلى الله عليه وسلم، فرجاؤها من الله وسؤاله أن يشفع نبيه فيه هو المطلوب، إذ شفاعته صلى الله عليه وسلم بإذن الله لمن رضي عنه ولا يعلم هو ممن يأذن فيه ويرضى عنه أم لا، فتعين عليه صرف همته، وعزائم أمره إلى ربه، بالإقبال عليه والاتكال عليه، والقيام بحق عبوديته لينال الشفاعة، وإن حصل منه تقصير بنوع من المعاصي بخلاف من أهمل ذلك وتركه وارتكب ضده من الإقبال على غير الله بالتوكل عليه ورجائه فيما لا يمكن وجوده إلاَّ من عند الله والالتجاء إليه مقبلاً على الشفاعة متوكلاً عليها طالبها من النبي صلى الله عليه وسلم، فإن هذا بعينه فعل المشركين واعتقادهم ولا نشأت فتنة في الوجود إلاَّ بهذا الاعتقاد فلا ينالها، وقد حسم سبحانه مواد المشركين وما يتعلقون به ويرجونه حسماً قاطعاً في كتابه المبين، ولا أعظم لهم تعلقاً منها فجعلها كلها له وعلق وجودها بشرطين: وجود إذنه للشافع، ورضاه عن المشفوع له، فلا تسأل من غيره سبحانه وتعالى وقد قدمنا الكلام عليها مراراً متعددة مبسوطاً في محالها.