وأما قولكم (وقوله من تبرك بشجرة أو حجر الخ فعلم جوابه مما ذكرنا آنفاً مع أنه أيضاً ليس على إطلاقه إذ بعض الأحجار قد ينفع بإذن الله وقد يكون لبعضها خواص ومنافع خلقها الله فيها كما نشاهد في حجر المغناطيس من جذب الحديد وأمثاله وكالحجر الأسود فإن عمر بن الخطاب حين استلمه لما قال له إنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك أجابه عثمان بن عفان بقوله إنه يضر وينفع إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنه ليشفع بمثل ربيعة ومضر فافهم ذلك يا ابن عبد الوهاب) .
فنقول معنى تبرك أي طلب البركة وقصدها من الشجرة أو الحجر نفسهما، أو هما السببان في حصولها، فالأول هو اعتقاد المتبركين بهما من غالب مشركي أهل هذا الزمان كما هو مشاهد لمن تأمل وتحقق، والثاني هي ذات الأنواط التي قال عنها أهل العلم من أصحاب مالك وغيرهم: انظروا رحمكم الله أينما وجدتم سدرة أو شجرة يقصدها الناس ويعظمونها ويرجون بسببها البراء والشفاء ويضربون بها الخرق ويعلقونها عليها فاقطعوها فإنها ذات أنواط، وكما روى أبو داود والترمذي عن أبي واقد الليثي قال: (خرجنا مع رسول صلى الله عليه وسلم قبل حنين ونحن حديثو عهد بكفر وللمشركين سدرة يعكفون حولها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط فمررنا بسدرة فقلنا يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هذا كما قالت بنو إسرائيل اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون لتركبن سنن من كان قبلكم") وفي رواية للترمذي عنه أنهم مروا بسمرة عظيمة خضراء يقال لها ذات أنواط قالوا يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الله أكبر هذا كما قال قوم موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون لتركبن سنن من كان قبلكم" قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح فإذا كان اتخاذ هذه الشجرة لتعليق الأسلحة والعكوف حولها ليتبركوا بها وينتفعوا بسببها يكون اتخاذها ذلك إلهاً مع الله مع أنهم لا يدعونها ولا يسألونها فما الظن فيمن يدعوها