(ومن الدلائل) على ألوهية خالقها الطعام للبشر، وسائر الحيوانات، وما تترى به الأجسام والعورات من النبات، كالقطن والكتان، وما أبرزه الإله المعبود بالحق من الحيوانات كالإبريسم والصوف والشعر والجلود، وما لا تحيط به الأذهان ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثاً ومتاعاً إمتن بها الإله الواحد المنان، وكذا اختلاف الأخشاب بأنواعها واختلاف مصالحها، وهذه الآيات لا تحصيها العبارات، إنما نشير إلى اليسير منها لاعتبارات وفي اختلافها يقول موجد الكائنات:{وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ} وكذلك الحال في الطيب والخبيث يكون في بني آدم كما يكون في الأرض وما يخرج فيها من النبات كما قيل:
الناس كالأرض ومنهاهم ... من حجر قاس ومن لين
فجلمد تدمي به أرجل ... وأثمد يحمل في الأعين
وهذا من نزع البركة عن بعضها ووضعها في بعضها الآخر وجود الحكمة في كل منهما وفي الحديث:"أُحد يحبنا ونحبه وهو على باب من أبواب الجنة، وهذا عير يبغضنا ونبغضه وهو على باب من أبوب النار" أخرجه الطبراني في الأوسط عن أبي عبس بن جبر رضي الله عنه وعن سهل بن سعد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أُحد جبل يحبنا ونحبه" أخرجه البخاري فأٌحد طيب يرى الناظر إليه عليه آثار الأنوار، وعير خبيث تنبو عن مشاهدته الأبصار، وقد قال تعالى لنبيه المختار:{وربك يخلق ما يشاء ويختار} .
(ومن الدلائل) على ألوهية خالقها وموجدها الكعبة الشريفة في البلد الآمن طهره الله وصانه وجعل عباده المتقين أولياءه وسكانه: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ} وفيه من البراهين والآيات ما يسع الكائنات، ولو