(وأما قولكم وقوله من الشرك النذر لغير الله وقول الله يوفون بالنذر الآية وقال تعالى وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر الآية وفي الصحيح عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصيه"، فنقول هذا أيضاً غير مسلم أنه من الشرك الاعتقادي وما استدل عليه من الآية والحديث لا يدل عليه بل إنما يدل علي أنه لا يلزم الوفاء به كما عليه اتفاق العلماء) .
فنقول النذر لغة الإيجاب، يقال نذر فلان دم فلان، أي أوجب قتله، ومعناه شرعاً: إلزام مكلف مختار نفسه عبادة لله تعالى غير لازمة له بأصل الشرع وهو مكروه إذا كان لله، ولأيات بخير ولا يرد قضاء، وفاقاً لأبي حنيفة رحمه الله تعالى لما في الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما::نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النذر وقال: "انه لا يرد شيئاً ولكن يستخرج به من البخيل" وفي رواية للبخاري يقول ابن عمر أولم تنتهوا عن النذر إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن النذر لا يقدم شيئاً ولا يؤخر وإنما يستخرج بالنذر من البخيل" وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ان النذر لا يقرب من ابن آدم شيئاً لم يكن الله قدره له ولكن النذر يوافق القدر فيخرج بذلك من البخيل ما لم يكن البخيل يريد أن يخرجه" فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النذر وأخبر أنه لا يأتي بخير وأنه ليس من الأسباب الجالبة لخير أو الدافعة لشر أصلاً وإنما يوافق القدر موافقة كما يوافقه سائر الأسباب فيخرج من البخيل حينئذ ما لم يكن يخرجه قبل ذلك.
هذا وقد أجمع أهل العلم في الجملة على انعقاد النذر الذي لله ولزوم الوفاء به لقوله سبحانه وتعالى:{وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ} ولما روت عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من نذر أن يطيع الله فليطعه" ولحديث عمر بن الحطاب رضي الله عنه: يا رسول الله إني كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة وفي رواية يوماً في المسجد الحرام فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أوف بنذرك" ومدح الوافين به يدل على جواز النذر إذا كان في طاعة الله لا على