استحسانه ومشروعيته ولذلك لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أمر به بل نهى عنه وأخبر أنه لا يأتي بخير ولا يرد قضاء، وفي البخاري من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:"خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" قال عمران لا أدري ذكر اثنين أو ثلاثة بعد قرنه " ثم يجيء قوم ينذرون ولا يوفون ويخونون ولا يؤتمنون ويشهدون ولا يستشهدون ويظهر فيهم السمن".
(ثم النذر) الجائز ثلاثة أقسام:
(أحدها) ما علق على وجود نعمة أو دفع نقمة فإذا وجد ذلك لزم الوفاء به لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم من نذر أن يطيع الله فليطعه ولذمه الذين ينذرون ولا يوفون كما في حديث عمران بن حصين المتقدم.
(والثاني) ما علق على شيء لقصد المنع منه أو الحث عليه، كقوله ان دخلت الدار فعلي لله كذا، وان لم أخبرك بما يكون فلله علي كذا، وهذا القسم هو نذر اللجاج والغضب وقد اختلف في لزوم الوفاء به، وللشافعي قول موافق للرواية الصحيحة عن أحمد أنه يخير بين الوفاء فيما نذر وبين كفارة يمين، لما روي عمران بن حصين قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لا نذر في غضب، وكفارته كفارة يمين" رواه سعيد بن منصور في سننه ولأنها يمين فيخير فيها بين الأمرين.
(الثالث) ما ينذر من الطاعة بلا تعليق كصلاة وصوم وحج واعتكاف وقراءة وعيادة مريض فيلزم الوفاء به عند عامة أهل العلم.
وحكي عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه لا يلزم الوفاء بما لا نظير له بأصل الشرع ولا أصل له في الوجوب كالاعتكاف وعيادة المريض لأن النذر فرع على المشروع فلا يجب به ما لا يجب له نظير بأصل الشرع، وحجة ملزمي الوفاء حديث عمر وعائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما وذم النبي صلى الله عليه وسلم الذي ينذرون ولا يوفون، والنذر المطلق غير المقيد بشيء، كقوله لله علي نذر أكثر أهل العلم منهم مالك يوجبون فيه كفارة يمين، كقوله ان فعلت كذا فلله علي نذر وفعله، ففيه كفارة يمين، لما روى عقبة بن عامر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كفارة النذر إذا لم يسم كفارة يمين" رواه ابن ماجه والترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح غريب قالوا وهذا نص في المسألة فلا يعدل عنه.