للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا وقفت على إذنه كان الأمر كله له فحينئذ نقول اللهم إنا نسألك شفاعة نبيك صلى الله عليه وسلم اللهم شفعه فينا، فالعبادة بأنواعها لله وحده ليس له شريك. ولذلك قدم المعمولين ليفيد تقديمهما حصر العبادة والاستعانة لمستحقها وهو الله تبارك وتعالى وحده في قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} وقوله: {إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ} الآية وقوله: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} وقوله: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ} .

أفلا تدبرتم معاني هذه الآيات وما ورد في سياقها من الأحاديث. فانقدتم لعمل ما دعت إليه وأعلنت به ودلت عليه من ان الدين كله لله والأمر كله له. فحينئذ وقفتم على صحة عقيدة من نسب العامل بها وبمعانيها والناهي عن ضدها ومخالفيها إليه، إذا قيل له أو عنه وهابي أو عارضي أو شرقي كما قيل في الصدر الأول لمن تبع ما جاء عن الله وخالف من خالف أوامر الله أنه صابئ ومن وافق الحق تبع وان كان واحداً ويسمى وحده أمة. كما قال الله عن إبراهيم حين خالف قومه فيما نهى الله عنه واتبع رضوانه وعمل بتوحيده: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} وقد سمى الله تبارك وتعالى كلمة الإخلاص كلمة التقوى لأنها السبب لكل خير دنيوي وأخروي عكس كلمة الفجور، فإنها السبب في كل شر دنيوي وأخروي، ومن اكتفى بمجرد لفظها عن معناها فجانبه وعمل بضدها وهو الكلمة الخبيثة المنافية لاسمها ومسماها من كل فعل أو قول أو اعتقاد خبيث معناه يبطلها ويأباها فإنه قد عكس اسمها في اعتقادها ومنشئها إذ في زعمه أنه متى قالها مع قرينتها وهي الشهادة لمحمد بالرسالة فلا ينافيها من القول أو الفعل أو الاعتقاد مهما قال أو فعل أو اعتقد وهذا مناف لحقيقة الإسلام فزاع عن الإيمان لعدم استسلامه وانقياده للعمل في الدين الذي قال الله عنه: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} وإذا فقد العمل بمعنى هذه الكلمة الطيبة ووجد العمل بضدها الشامل للقول أو الاعتقاد عدمت بالكلية وان تلفظ بها وقالها باللسان إذ لا يجتمع متضادان في شيء واحد والمثبت له الإسلام في هذه الحالة جامع بين النقيضين وهو غير ممكن فلا أحد كائناً من كان يجعل عبادة الله التي هي خاصة بجلاله لغيره تعالى من الخلق إلا كانت للشيطان وأعوانه كما قال جل ذكره: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ * وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ

<<  <   >  >>