للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(الثالث) : ان الأعمال الدينية لا يجوز أن يتخذ شيء منها سبباً إلا أن يكون مشروعاً إما استحباباً أو مأذوناً، فان العبادات مبناها على التوقيف، فلا يجوز للإنسان أن يشرك بالله ما لم ينزل به سلطاناً وان يقول على الله بلا علم فيدعو غير الله بما لا يقدر عليه إلا هو سبحانه وتعالى، وان ظن أن ذلك سبب في حصول غرضه لاعتقاده ان ذلك المدعو يشفع له فيما دعاه فيه لأنه جنس ما اعتقده الأولون في آلهتهم، وكذلك لا يجوز أن يعبد الله بالبدع المخالفة للشريعة وان ظن ان ذلك سبب في حصول ما يطلبه من أغراض دنيا أو ثواب آخرة على زعم اعتقاده، فان الشياطين قد تعين الإنسان على بعض مقاصده إذا أشرك وقد يحصل له بالكفر والفسوق والعصيان بعض أغراضه فلا يحل له ذلك إذ المفسدة الحاصلة بذلك أعظم من المصلحة الحاصلة به والرسول صلى الله عليه وسلم إنما بعث لتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها فما أمر الله به فمصلحته راجحة وما نهى عنه فمفسدته راجحة {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} .

(من ذلك) : قول المحرمات وقول السخريات ليتوصل بها إلى تحصيل شيء من أمتعة الدنيا أو القرب لدى ملك من ملوكها قال تعالى: {وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ * حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ} وكل شرك زور ولا عكس وقال تعالى: {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} .

(ومنه) : التداوي بالمحرمات مطلقاً فلم يجعل الله الشفاء فيما حرمه بل نزعه عنه وأوهنه، والبدع التي ليست من شريعة الإسلام في شيء بل هي من شعب الشرك الظاهرة كأتربة أضرحة القبور لا يحل استعمالها أدوية ولا تعاطيها لما في استعمالها من الاعتقادات الباطلة والمفاسد في الدين الظاهرة فهي أشبه ما فعله المشركون الأولون بآلهتهم من تعظيم الأصنام والتبرك والتمسح بها في كل مشهد خاص وعام.

(ومنه) : ما اعتنى به بعض الأغبياء الجهال وعوام الضلال دعوتهم بدعاء تمخيشاً وتمشيشاً، ودعوتهم في الشدائد بأسماء أصحاب الكهف وشمبخ وغيرهم وبالدعوات المجهولات يزعمون أن هذه من الأسماء العظام والأدعية المستجابات وأنه من الإنجيل والتوراة، فكل هذا من تلبيس إبليس على هؤلاء الجند الذين اختاروه واختارهم فلسنا ملتزمين في شريعتنا ملة الإسلام بتلك الأدعية في الصباح والمساء ولم

<<  <   >  >>