للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب، ولهما من حديث ابن عباس معناه وفيه قال بعضهم لقد صدق نوء كذا وكذا فأنزل هذه الآية {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ. .. إلى قوله ... وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} وقد اختلف العلماء في كفر من قال مطرنا بنوء كذا وكذا على قولين.

(أحدهما) : هو كفر بالله سبحانه وتعالى سالب لأصل الإيمان مخرج عن ملة الإسلام، قالوا وهذا فيمن قال ذلك معتقداً أن الكوكب له سبب ومدخل في إنشاء المطر كما كان أهل الجاهلية يزعمون ومن اعتقد هذا فلا شك في كفره. وهذا القول هو الذي إليه جماهير العلماء والشافعي منهم وهو ظاهر الحديث قالوا وعلى هذا لو قال مطرنا بنوء كذا معتقداً أنه من الله وبرحمته وان النوء ميقات له وعلامة اعتباراً بالعادة فكأنه قال مطرنا في وقت كذا فهذا لا يكفر واختلفوا في كراهته والأظهر كراهة تنزيه لا إثم فيها وسبب الكراهة أنها كلمة مترددة ببن الكفر وغيره فيساء الظن بصاحبها ولأنها شعار الجاهلية ومن سلك مسلكهم.

(والقول الثاني) في أصل تأويل الحديث أن المراد كفر نعمة الله لاقتصاره على إضافة الغيث إلى الكوكب، قالوا وهذا فيمن لا يعتقد تسبب الكوكب وانشاءه المطر وإلا فلا شك في كفره.

وأما النياحة فهي رفع الصوت برنة ومنها لطم الخد وشق الجيب. وفيه قال النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب.

وهذه الأمور منها ما هو معصية لا تحرج عن الملة، ومنها ما هو مخرج عنها بشرطه وإضافة فاعليها إلى نفسه وجعله من أمته لا منافاة فان العاصي لا يخرج بعصيانه عن أمة الإجابة. ومراد النبي صلى الله عليه وسلم في المستسقي إذا لم يعتقد الكوكب له مدخل في المطر فهو من أمته عامل عمل الجاهلية في قوله مطرنا بالنوء وإلا فهو من أمة الدعوة لا من أمة الإجابة. وفرق بين خصال الذنوب التي تحت مشيئة علام الغيوب وان شاكلت أهل الجاهلية في مجرد الاسم لا في الحقيقة والاعتقاد، وبين الشرك الذي هو أظلم الظلم

<<  <   >  >>