للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يدعونهم، ويدعون بهم، ويسألونهم حوائجهم، واستنزال الرحمة والبركات بهم ونصرتهم لهم على أعدائهم وتفريج كرباتهم، وكشف شدائدهم، وإقالة عثراتهم، والعفو عن زلاتهم والهتف بذكرهم لحاجاتهم، فهم مسيئون إلى أنفسهم، محبطون لأعمالهم، مؤذون للأموات غالون في العقائد والمعتقدات معرضون عن شريعة الرسول، وما قاله الله في الآيات. وقد روى خالد بن دينار قال لما فتحنا تستر وجدنا في بيت مال الهرمزان سريراً عليه رجل ميت عند رأسه مصحف له فأخذنا المصحف فحملناه إلى عمر ابن الحطاب رضي الله عنه فدعا له كعباً فنسخه بالعربية فأنا أول رجل من العرب قرأته مثل ما أقرأ القرآن، قال خالد فقلت لأبي العالية ما كان فيه قال سيرتكم وأموركم ولحون كلامكم وما هو كائن بعد، قلت فما صنعتم بالرجل قال حفرنا بالنهار ثلاثة عشر قبراً متفرقة فلما كان بالليل دفناه وواسينا القبور كلها مع الأرض لنعمّيه على الناس لا ينبشونه فقلت وما يرجون منه، قال كانت السماء إذا حبست عنهم أبرزوا السرير فيمطرون فقلت من كنتم تظنون الرجل قال رجل يقال له دانيال فقلت منذ كم وجدتموه مات قال: منذ ثلاثمائة سنة قلت ما كان تغير منه شيء قال لا إلاَّ شعيرات من قفاه ان لحوم الأنبياء لا تبليها الأرض ولا تأكلها السباع. ففي هذه القصة ما فعله المهاجرون والأنصار من تعمية قبره لئلا يفتتن به الناس ولم يبرزوه للدعاء عنده والتبرك به ولو ظفر به هؤلاء المشركون وعلموا حقيقته وما يكون لجادلوا عليه بالسيوف ولعبدوه من دون الله، فإنهم قد اتخذوا من القبور أوثاناً من لا يداني هذا ولا يقاربه، بل لعله عدو لله وأقاموا لها سدنة وجعلوها معابد أعظم من المساجد، وهم يقولون ويعتقدون أن الصلاة عندها والدعاء حولها والتبرك بها لها أفضلية مخصوصة ليست في المساجد، ولو كان الأمر كما زعموا بل لو كان مباحاً لنصب المهاجرون والأنصار هذا القبر علماً لذلك ولما أخفوا قبره خشية الفتنة به وعليه بل دعوا عنده وسنوا ذلك لمن بعدهم ولكن كانوا أعلم بالله ورسوله من هؤلاء الخلوف التي خلفت بعدهم، ولو حضروهم لجادلوهم لأنهم قد اعتقدوا وقالوا ضد ما السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان عليه، وما أحسن ما قال الإمام مالك بن أنس رحمه الله تعالى لن يصلح آخر هذه الأمة إلاَّ ما أصلح أولها ولكن، كلما ضعفت تمسك الأمم بعهود أنبيائهم ونقص إيمانهم عوضوا عن ذلك بما أحدثوه من

<<  <   >  >>