الْمُنْكَرِ} ولا منكر أعظم ولا أكبر من الشرك بالله، ونحن قد مكننا الله في الأرض ولله الحمد فلا عذر لنا، ومن لم يمكنه الله فيها ولم يقدر على إظهار ما طلب منه وجب عليه شرعاً أن يأوى إلى من ينصره حيث وجد ويعاونه على البر والتقوى كي يطلعوا على ما انطوى عليه من الأحكام ويميزوا بين ما يستوجب النقض والإبرام أتى بكى التعليلية التي تفيد أن الإطلاع والتمييز علة لإرسال الكتاب أي لم يرسل إلا ليطلعوا عليه ويميزوا ما فيه مما يستوجب النقض والإبرام فأما الإطلاع على ما فيه من الأحكام فنعم.
والأحكام: جمع حكم، وهو ما شرعه الله من حلال، وحرام، ومكروه، ومباح، ومندوب. والمقصود بها هنا أبوابه ومسائله الشاملة لذلك، وبيان أصله المشتمل على التوحيد بأدلته التفصيلية، وأما التمييز بين ما ذكره فليس هو علة للإرسال إذ لم يرسل ليحرر ويمر بل قد حرر وأمر عند شيوخ أفاضل وجهابذة أكابر منهم المشايخ الشاميون الشيخ على أفندي الداغسطاني الذي قد ذكرنا اسمه، وابن عمه الشيخ عبد الكريم أفندي الداغسطاني، والشيخ محمد البرهاني، والشيخ عثمان الديار بكري نزيل المدينة المنورة، والشيخ محمد السفاريني نزيل نابلس، وأرسل إليه بنسخة فأمرها وأقرها من غير مشايخه الذين قد ذكروا، فإن منهم من أدرك كلامه وكلهم قد أقروه وحرروه وأجازوه، ولكن عذرهم عدم المساعد لهم في قيام ما تضمنه من إقامة الدين وإخلاصه لرب العالمين وإلا هو الذي يدينون الله به في أنفسهم وأهليهم وأصحابهم من عشائرهم لكن لا يقدرون على نهي الناس عما اعتقدوه وعملوا به وقالوه لأن ذلك يعتاز إلى سيف قائم وإمام عادل وذلك متعذر الآن إلا بتوفيق الله وإيجاده، وإنما أرسل الكتاب لأمرين.
الأول: ليحصل العلم عند الخاص والعام إنا لم نقاتل الناس إلا على إقامة دين المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم من العلم بمعنى هذه الكلمة الطيبة والعمل بها وعمل سائر المعروف التابع لها من صلاة وزكاة كفعل أبي بكر الصديق رضي الله عنه مع المانعين لها والتعلم بما أوجب الله على عباده وما طلبه منهم وخلقهم له وبما نهاهم عنه وحذرهم منه فإن الرجل من أهل هذا الزمان يشب ويشيب وهو لا يعرف المعروف بأنواعه بل