الإمام ليؤتم به" ولقوله أيضاً: " أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يحوّل الله رأسه رأس حمار أو يجعل صورته صورة حمار" وهذان الحديثان في البخاري ومسلم، ومعلوم أن المسابق لإمامه متهاون بصلاته مستخف بها، ووجود هذين الوصفين أو أحدهما لا يجامع الصحة وإذا بطلت فخطرها عظيم، ولهذا قال الإمام أحمد في رسالته وليعلم المتهاون بصلاته المستخف بها المسابق للإمام فيها أنه لا صلاة له، فإذا ذهبت صلاته فقد ذهب دينه، فعظموا الصلاة وتمسكوا بها واتقوا الله فيها خاصة وفي أموركم عامة، واعلموا أن الله عز وجل قد عظم حق الصلاة في القرآن وعظم أمرها وشرفها وشرف أهلها وخصها بالذكر من بين الطاعات كلها في مواضع كثيرة من القرآن وأوصى بها خاصة فمن ذلك أنه تعالى ذكر أعمال البر التي أوجب لأهلها الخلود في الفردوس فافتتح تلك الأعمال بالصلاة وختمها بالصلاة وجعل تلك الأعمال التي جعل لأهلها الفردوس بين ذكر الصلاة مرتين قال الله عز وجل:{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} فبدأ من صفتهم بالصلاة عند مدحه إياهم ثم وصفهم بالأعمال الظاهرة الزكية المرضية إلى قوله: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} فأوجب الله عز وجل لأهل هذه الأعمال الشريفة الزكية المرضية الخلود في الفردوس وجعل هذه الأعمال بين ذكر الصلاة مرتين ثم عاب الله عز وجل الناس كلهم وذمهم ونسبهم إلى اللوم والهلع والجزع والمنع للخير إلاَّ أهل الصلاة فإنه استثناهم منهم فقال: {إِنَّ الْأِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً} ثم استثنى المصلين فقال: {إِلاَّ الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ * وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} ثم وصفهم بالأعمال الزكية الطاهرة المرضية الشريفة إلى قوله: {وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ} ثم ختم ثناءه عليهم ومدحه إياهم بأن ذكرهم بمحافظتهم على الصلاة فقال: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ} فأوجب لأهل هذه الأعمال الكرامة في الجنة وافتتح ذكر هذه الأعمال المرتب على وجودها الكرامة بالصلاة وجعل ذكر هذه الأعمال بين ذكر الصلاة مرتين ثم ندب إلى الطاعات كلها، والصلاة هي أكبر الطاعات فقال عز من قائل:{اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} وفي تلاوة الكتاب