للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ضب تبعتموهم قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى قال: فمن" وفي رواية أبي هريرة: "وهل الناس إلا أولئك" وقال ابن مسعود: (أنتم أشبه الأمم ببني إسرائيل سمتاً وهدياً تتبعون عملهم حذو القذة بالقذة غير أن لا أدري تعبدون العجل أم لا" وبهذا أيضاً يكون خبراً عن أمر دائم مستمر لأنه وان كان بضمير الخطاب فهو كالضمائر في نحو قوله {اعبدوا واركعوا واسجدوا وآمنوا} فكما أن جميع الموجودين في وقت النبي صلى الله عليه وسلم مخاطبون بهذا الكلام لأنه كلام الله وإنما الرسول مبلغ، فكذلك هو متناول لمن بعدهم إلى يوم القيامة، وهذا مذهب عامة المسلمين، وان كان بعض من تكلم في أصول الفقه اعتقد أن الضمير يتناول الموجودين حين تبليغ الرسول وان سائر الموجودين بعدهم دخلوا إما بما علمناه بالاضطرار من احتواء الحكم كما لو خاطب النبي صلى الله عليه وسلم واحداً من أمته وقصد غيره من سائر الأمة، وإما بالسنة، وإما بالإجماع، وإما بالقياس، فيكون كل من حصل في هذا الاستمتاع والخوض مخاطباً بقوله تعالى {فاستمتعتم وخضتم} وقد توعد سبحانه هؤلاء المستمتعين الخائضين بقوله: {أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} فأخبر سبحانه أن في هذه الأمة من استمتع بخلاقه كما استمتع الأمم قبلهم، وخاض كالذين خاضوا، وذمهم وتوعدهم على ذلك، ثم خصهم على الاعتبار بمن قبلهم، فقال عز من قائل: {أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} الآية فطاعة الله ورسوله وصف للمؤمنين قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} والاستمتاع بالخلاق والخوض، وصف لمن فيه مشابهة للقرون المتقدمة وقد ذم الله من يفعل ذلك، وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بجهاد الكفار والمنافقين بعد هذه الآية دليل على جهاد هؤلاء المستمتعين الخائضين، ثم هذا الذي دل عليه الكتاب من مشابهة بعض هذه الأمة للقرون الماضية في الدنيا وفي الدين، وذم من يفعل ذلك دلت عليه أيضاً سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتأول الآية على ذلك أصحابه رضي الله عنهم فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لتأخذن كما أخذت الأمم من قبلكم ذراعاً

<<  <   >  >>