لها رأساً بل لا يلتفت إليها في حق الأنبياء المعصومين عن أمثال هذه الأمور بل الواجب على كل مؤمن أن يحكم بكذبها ويحمل قوله:{جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا} على أن الخطاب في خلقكم لقريش وحدهم لا لبني آدم كلهم والنفس الواحدة قضى وجعل منها زوجها أي جعلها عربية قرشية من جنسه لأنه خلقها منه وإشراكهما بتسميتهما إبنيهما عبد مناف وعبد العزى وعبد الدار وعبد قصي والضمير في يشركون لهما ولا عقابهما، وعلى هذا فليس الضمير في جعلا لآدم وحواء وهذا الذي عليه أكثر المفسرين وإن صح أنه لآدم وزوجته فأين الدليل على الشرك في ألوهيته، ولعله أي الشرك المذكور في الآية هو الميل إلى طاعة الشيطان، وقبول وسوسته مع الرجوع إلى الله تعالى بلا مطاوعة للشيطان وذلك الميل المتفرع على الوسوسة غير داخل تحت الاختيار فلا يكون معصية وذنباً، ولعله كان قبل، وان أبيت عن هذا كله فهو على تقدير المضاف أي جعل أولادهما له شركاء فيما آتى أولادهما وكيف لمن في قلبه ذرة من إيمان أن يصدق بهذه الحكاية مع أن الآية التي تتلوها تنادي على كذبهما وهي قوله تعالى:{أَيُشْرِكُونَ مَا لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ} وهم الأصنام كما عليه المفسرون، مع أن الأصنام لم تعبد من دون الله إلاَّ قريباً من زمن نوح) .
الجواب عما هذى به الخصم في هدا المقام
فنقول هذا مما يؤيد ما قلناه في صاحب المقدمة من أنه يرد من تلقاء نفسه بلا تحقيق ولا تحقق فيما قاله الأئمة الأعلام من أولي العلم والفهم وما نقلته الرواة وتلقته بالقبول الجهابذة الثقات، فإنه قد فهم من معنى الشرك المذكور في هذه الآية شرك الألوهية في آدم وحواء عليهما الصلاة والسلام فلذلك أوجب نفي رجوع الضمير الذي في الآية عنهما جعل من لازم جواز ثبوته إليهما شركهما في الألوهية، ونسبنا إلى تكفير الأنبياء والصالحين وما ذاك إلاَّ لعدم فهمه ومعرفته معنى الشركة التي في الآية مع ما نقله السلف من صحة رجوع الضمير إليهما، بل في معرفة معنى الشرك من حيث هو وأقسامه والجهل فينا وفي عقيدتنا وفيما قلناه وعنينا وذلك من وجوه.