للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(الجواب) أن قوله تعس عبد الدينار الحديث لم يرد به الاسم وإنما أراد به الوصف والدعاء على من يعبد قلبه الدينار والدرهم واختارهما على عبودية ربه تبارك وتعالى، وقوله أنا ابن عبد المطلب ليس من باب إنشاء التسمية بذلك وإنما هو من باب الإخبار بالاسم الذي يميز به المسمى دون غيره والاخبار بمثل ذلك على وجه تعريف المسمى لا يحرم، وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يسمون بني عبد شمس وبني عبد الدار بأسمائهم ولا ينكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم لأن باب الاخبار واسع يجوز فيه ما لا يجوز في الإنشاء فتحرم التسمية أيضاً بملك الملوك وسلطان السلاطين وشاه شاه لما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أخنع اسم عند الله رجل يسمى ملك الأملاك" وفي رواية اخنى بدل اخنغ وفي رواية لمسلم أبغض رجل عند الله يوم القيامة وأخسه رجل كان يسمى بملك الأملاك لا مالك إلاَّ الله ومعنى أخنع وأخنى: أوضع.

وأما الأسماء المكروهة، فمنها ما رواه مسلم في صحيحه عن سمرة بن جندب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسمين غلامك يساراً ولا حرباً ولا نجاحاً ولا أفلح فإنك تقول أثم فلان فيقال لا" قال ابن القيم والمذكور في الحديث إنما هن أربع لا يزدن عليها، وهذه الجملة الأخيرة ليست من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما هي من كلام الراوي، وقال أيضاً قلت وفي معنى هذا مبارك ومفلح وخير وسرور ونعمة، وما أشبه ذلك لوجود المعنى الذي كرهت تلك الأمور الأربعة لأجله فإنه يقال أعندك خير أعندك سرور أعندك نعمة فيقول لا فتشمئز القلوب من ذلك وتستطير منه. ومنه التسمية بأسماء الشياطين، كخنزب والولهان، وأسماء الفراعنة والجبابرة كفرعون وقارون وهامان والأسماء التي تكرهها النفوس ولا تلائمها كحرب ومرة. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يشق عليه الاسم القبيح ويكرهه جداً من الأشخاص والأماكن والقبائل والجبال حتى أنه مر في مسير له بين جبلين فسأل عن اسمهما فقيل فاضح ومخز، فعدل عنهما ولم يمر بينهما، وكان صلى الله عليه وسلم شديد الاعتناء بذلك، ومن تأمل السنة وجد معاني الأسماء مرتبطاً بها حتى كأن معانيها مأخوذة منها وكأن الأسماء مشتقة من معانيها فتأمل قوله صلى الله عليه وسلم: " أسلم سالمها الله، وغفار غفر الله لها، وعصية عصت الله" وقوله لما جاء سهيل بن عمرو يوم الصلح: "سهل أمركم" وتأمل تغييره الأسماء غير المناسبة كما في

<<  <   >  >>