فهو نقل كلام لإمام مجتهد حجة على من قلده ليعلم ذلك المقلد أنه قد خالف مقلده فيما قاله واعتقده، نسبوه إلى تقليد الشيخ تقي الدين في التوحيد، ولعل كلامه وافق كلام شيخ الإسلام تقي الدين في شيء من ذلك حتى في استدلالاته فليس هو تقليداً له ولا أخذاً منه. والشيخ تقي الدين وتلميذه رحمهما الله تعالى بل وغيرهما إنما يحرمون التقليد في توحيد الله ورسالة النبي صلى الله عليه وسلم وما علم كونه من الدين ضرورة كأركان الإسلام، ويدعيان الإجماع على ذلك وعبارتهما:(التقليد السائغ في المسائل المستفتى فيها وهي الاجتهادية) وأما العقلية كوجود الباري تعالى وتوحيده والرسالة فلا تقليد فيها، وكذا ما علم كونه من الدين ضرورة كأركان الإسلام إجماعاً. وقال الشيخ تقي الدين في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم: (أما مسائل الفروع التي يسوغ الاجتهاد فيها والتقليد، لا ريب أن المجتهد فيها على أجر فان أصاب فله أجران وان أخطأ فله أجر وكذا المقلد له أجر على حسن قصده وعمله، وإنما انكارهما شديد على من أوجب إتباع طريقة شيخ من مشايخ الدين والصلاح كالشيخ عبد القادر، والشيخ حيوه وأمثالهما. وكذلك من أوجب اتباع إمام معين من أئمة العلم والدين وألزم الناس الاقتصار عليه في كل ما قاله أو أمر به ونهى عنه، وعلى من عادى ووالى في هذه المذاهب أو عليها كالأئمة الأربعة لما فيه من الترجيح، قال ولكن طاعة الرسول إنما تمكن مع العلم بما جاء به والقدرة على العمل به، فإذا ضعف العمل والقدرة صار الوقت وقت فترة في ذلك الأمر، وان كان وقت دعوة ونبوة في غيره" وقال أيضاً في رسالته السنية: "وكذلك التفريق بين الأمة وامتحانها بما لم يأمر لله به ولا رسوله مثل أن يقال للرجل أنت شكيلي أو قرقندي أو نقشبندي، فان هذه أسماء باطلة ما أنزل الله بها من سلطان وليس في كتاب الله ولا سنة رسوله ولا في الآثار المعروفة عن سلف الأمة لا شكيلي ولا قرقندي ولا نقشبندي، والواجب على المسلم إذا سئل عن ذلك أن يقول لا أنا شكيلي ولا قرقندي ولا نقشبندي بل أنا مسلم متبع لكتاب الله وسنة رسوله. وقد روينا أن معاوية بن أبي سفيان سأل عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما فقال أنت على ملة علي أو على ملة عثمان فقال لست على ملة علي ولا ملة عثمان بل أنا على ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكذلك كان كثير من السلف يقولون كل هذه الأهواء في النار، ويقول أحدهم ما أبالي أي النعمتين أعظم على أن هداني الله