الغرض من الإيمان بهم تصديقهم في جميع ما أخبروا به. والإيمان بجميع ما جاؤا به، والعمل بمقتضى ذلك، إذ لازم الإيمان، العمل فلا يكون بدونه ولا ينفك عنه. قال علماء السلف وأهل الحديث أن الإيمان قول وعمل ونية وان الأعمال كلها داخلة في مسمى الإيمان. وحكى الإمام الشافعي إجماع الصحابة والتابعين ومن بعدهم ممن أدركهم وقد أنكر السلف على من أخرج الأعمال عن الإيمان إنكاراً شديداً. وممن أنكر ذلك على قائله وجعله قولاً محدثاً سعيد بن جبير، وميمون بن مهران، وقتادة، وأبو أيوب السختياني، والنخعي، والزهري، وابن أبي كثير، وغيرهم قال الأوزاعي: "كان من مضى من السلف لا يعرفون الإيمان إلا العمل) . وقد دل على ذلك قوله تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ... إلى قوله ... أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً} وقوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} وسيأتي إن شاء الله تعالى بحث الإيمان في محله بأتم من هذا ونبين الفرق بينه وبين الإسلام. والرسول عام يطلق على الملك والبشر. والنبي خاص لا يطلق إلا على البشر. وفي معالم التنزيل وجملتهم مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً. والرسل منهم ثلاثمائة وثلاثة عشر. والمذكور في القرآن منهم ثمانية عشر نبياً، وأولو العزم منهم خمسة: محمد وإبراهيم ونوح وموسى وعيسى صلى الله عليهم وسلم، وأوّل الرسل نوح كما قال تعالى:{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} فذكر عدة من الرسل الذين أوحى إليهم وبدأ بذكر نوح لأنه أوّل نبي من أنبياء الشريعة المرسل بها وأوّل نذير عن الشرك، وأوّل من عذبت أمته لردهم دعوته وأهلك الله أهل الأرض بدعائه، وكان أطول الأنبياء عمراً وجعلت معجزته في نفسه لأنه عمر ألف سنة فلم ينقص له سن ولم يشب له شعرة ولم ينقص له قوّة ولم يصبر على أذى قومه أحد ما صبر هو على طول عمره. وأما آدم صلى الله عليه وسلم فهو نبي لا رسول إلى أمة. وآخر الرسل محمد صلى الله عليه وسلم بالنص والإجماع.