والجواب على هذا من أوجه: الوجه الأول: هو ما استظهره أبو حيان من كون المراد مما ذكر حقيقته، ويكون ذلك في مبدأ الأمر، ثم يرد الله تعالى إليهم أبصارهم ونطقهم وسمعهم، فيرون النار ويسمعون زفيرها وينطقون بما حكى الله تعالى عنهم في غير موضع. الوجه الثاني: أنهم لا يرون شيئًا يسرهم ولا يسمعون كذلك ولا ينطقون بحجة كما أنهم كانوا في الدنيا لا يستبصرون ولا ينطقون بالحق ولا يسمعونه، وأخرج ذلك ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس. وروي أيضًا عن الحسن كما ذكره الألوسي في تفسيره، فنزل ما يقولونه ويسمعونه ويبصرونه منزلة العدم لعدم الانتفاع به، كما تقدم نظيره. الوجه الثالث: أن الله إذا قال لهم: اخسئوا فيها ولا تكلمون. وقع بهم ذاك العمى والصم والبكم من شدة الكرب واليأس من الفرج قال تعالى: {وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنطِقُونَ} [النمل: ٨٥] وعلى هذا القول تكون الأحوال الثلاثة مقدرة. انظر: دفع إيهام الاضطراب "١٢٨/١٠". ١ انظر: تفسير الطبري "٢٠١/٨" وتفسير ابن كثير "٧٠/٣" وتفسير الشوكاني "٢٦١/٣".