للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكلام على لفظة: لعمري


= قال ابن عباس: لعمرك: لعيشك. فتح الباري "٥٤٦/١١"، قال الحافظ في الفتح "٥٤٧/١١":
قوله: "باب قول الرجل: لعمر الله" أي: هل يكون يمينًا؟ وهو مبني على تفسير: لَعَمْر. ولذلك ذكر أثر ابن عباس، وقد تقدم في تفسير سورة الحجر وأن ابن أبي حاتم وصله.
وأخرج أيضًا عن أبي الجوزاء عن ابن عباس في قوله تعالى: {لَعَمْرُكَ} أي: حياتك.
قال الراغب: العمر بالضم والفتح واحد، ولكن خص الحلف بالثاني.
وقال الشاعر: عمرك الله كيف يلتقيان. أي: سألت الله أن يطيل عمرك. وقال أبو القاسم الزجاج: العمر الحياة. فمن قال لعمر الله كأنه حلف ببقاء الله. واللام للتوكيد والخبر محذوف، أي: ما أقسم به، ومن ثم قال المالكية والحنفية: تنعقد بها اليمين؛ لأن بقاء الله من صفة ذاته. وعن مالك: لا يعجبني الحلف بذلك، وقد أخرج إسحاق بن راهويه في مصنفه عن عبد الله بن أبي بكرة قال: كانت يمين عثمان بن أبي العاص: لعمري.
وقال الشافعي وإسحاق: لا تكون يمينًا إلا بالنية؛ لأنه يطلق على العلم وعلى الحق، وقد يراد بالعلم المعلوم وبالحق ما أوجبه الله. وعن أحمد كالمذهبين، والراجح عنه كالشافعي، وأجابوا عن الآية بأن لله أن يقسم من خلقه بما شاء، وليس ذلك لهم لثبوت النهي عن الحلف بغير الله.
وقال النووي في شرح مسلم "١٦٨/١":
قوله صلى الله عليه وسلم: "أفلح وأبيه إن صدق" هذا مما جرت عادتهم أن يسألوا عن الجواب عنه مع قوله صلى الله عليه وسلم: "من كان حالفًا فليحلف بالله" وقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم" وجوابه أن قوله صلى الله عليه وسلم: "أفلح وأبيه" ليس هو حلفًا، وإنما هو كلمة جرت عادة العرب أن تدخلها في كلامها غير قاصدة بها حقيقة الحلف، والنهي إنما ورد فيمن قصد حقيقة الحلف لما فيه من إعظام المحلوف به ومضاهاته به الله سبحانه وتعالى. فهذا هو الجواب المرضي. وقيل: يحتمل أن يكون هذا قبل النهي عن الحلف بغير الله تعالى، والله أعلم.
قلت: ولما كان النهي عن الحلف بغير الله معلوم لدى إمام السنة، تعين حمل هذا الكلام على الصورة الأولى التي ذكرها النووي رحمه الله، وهذا هو الجواب المرضي إن شاء الله تعالى.
ويحمل هذا على مثل قولهم: ثكلتك أمك. ورغم أنفك. وتربت يمينك. ولم يقصد بهذا الدعاء، وإنما يجري على ألسنة الناس بلا إرادة الدعاء.

<<  <   >  >>