قلت: وقد تقدم أن كل ما يثبت من صفات الكمال للخلق فالخالق أحق به وأولى. فضرب أحمد -رحمه الله- مثلاً وذكر قياسًا وهو أن العبد إذا أمكنه أن يحيط بصره بما في يده وقبضته من غير أن يكون داخلاً فيه ولا محايثًا له فالله سبحانه أولى باستحقاق ذلك واتصافه به، وأحق بأن لا يكون ذلك ممتنعًا في حقه، وذكر أحمد في ضمن هذا القياس قوله الله تعالى: {وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى} مطابق لما ذكرناه من أن الله له قياس الأولى والأحرى بالمثل الأعلى، إذ القياس الأولى والأحرى هو من المثل الأعلى. وأما المثل المساوي أو الناقص فليس لله بحال. ففي هذا الكلام الذي ذكره، واستدلاله بهذه الآية تحقيق لما قدمناه من أن الأقيسة في باب صفات الله، وهي أقيسة الأولى كما ذكره من هذا القياس، فإن العبد إذا كان هذا الكمال ثابتًا له فالله الذي له المثل الأعلى أحق بذلك.