للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[إثبات ذم صفة السفل وأنها منفية عن الله عز وجل]

وقال: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة: ٢٥٥] .

فهذا خبر الله، أخبرنا أنه في السماء، ووجدنا كل شيء أسفل منه مذمومًا بقول الله جل ثناؤه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء: ١٤٥] {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاَّنَا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الأَسْفَلِينَ} ١ [فصلت: ٢٩] .


١ إلى هنا انتهى نقل ابن تيمية -رحمه الله- في "بيان تلبيس الجهمية" "٥٤٢/٢، ٥٤٣".
ثم قال:
وهذه الحجة من باب قياس الأولى وهو أن السفل مذموم في المخلوق، حيث جعل الله أعداءه في أسفل السافلين، وذلك مستقر في فطر العباد، حتى إن أتباع المضلين طلبوا أن يجعلوهم تحت أقدامهم ليكونوا من الأسفلين، وإذا كان هذا مما ينزه عنه المخلوق ويوصف به المذموم المعيب به المخلوق فالرب تعالى أحق أن ينزه ويقدس عن أن يكون في السفل أو يكون موصوفًا بالسفل، هو أو شيء منه، أو يدخل ذلك في صفاته بوجه من الوجوه، بل هو العلي الأعلى بكل وجه، ولهذا يروى عن بشر المريسي أنه كان يقول في سجوده: سبحان ربي الأسفل. وكذلك بلغني عن طائفة من أهل زماننا أن منهم من يقول: إن يونس عُرج به إلى بطن الحوت، كما عرج بمحمد إلى السماء. وأنه قال: "لا تفضلوني على يونس" وأراد هذا المعنى، وقد بينا كذب هذا الحديث وبطلان التفسير في غير هذا الموضع. أ. هـ.
قال محشيه رحمه الله: فضيلة الشيخ محمد بن عبد الرحمن القاسم: انظر "ج٢، ص: ٢٢٣، ٢٢٤" من مجموع فتاويه.
وقال ابن بطة في الإبانة "١٤٢/٣، ١٤٣":
ثم ذم ربنا تعالى ما سفل ومدح ما علا فقال: {إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ} [المطففين: ١٨] يعني السماء السابعة، والله تعالى فيها. وقال: {إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ} [المطففين: ٧] يعني الأرض السفلى، فزعم الجهمي الحلولي أن الله هناك حيث يكون كتاب الفجار الذي ذمه الله وسفله، تعالى الله عما يزعم هؤلاء علوًّا.
وقال: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء: ١٤٥] فذم الأسفل. وقال: {نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الأَسْفَلِينَ} [فصلت: ٢٩] .

<<  <   >  >>