للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باب بيان ما ضلت فيه الزنادقة


تعريف الزنادقة والزنديق
قال الفيروزآبادي:
الزنديق، بالكسر: من الثنوية أو القائل بالنور والظلمة أو من لا يؤمن بالآخرة وبالربوبية، أو من يبطن الكفر ويظهر الإيمان أو هو معرب: زن دين، أي: دين المرأة، ج: زنادقة أو زناديق، وقد تزندق، والاسم الزندقة، ورجل زنديق وزندقي: شديد البخل.
انظر: القاموس المحيط "ص ٨٩١" زنق.
قال الحافظ ابن حجر، رحمه الله: قوله بزنادقة. بزاي ونون وقاف جمع زنديق بكسر أوله وسكون ثانيه. قال أبو حاتم السجستاني وغيره: الزنديق فارسي معرب أصله: "زنده كرد" أي: يقول بدوام الدهر؛ لأن زنده: الحياة، وكرد: العمل. ويطلق على من يكون دقيق النظر في الأمور. وقال ثعلب: ليس في كلام العرب زنديق، وإنما قالوا زندقي لمن يكون شديد التحيل، وإذا أرادوا ما تريد العامة قالوا: ملحد ودهري، بفتح الدال، أي: يقول بدوام الدهر، وإذا قالوها بالضم أرادوا كبر السن. وقال الجوهري: الزنديق من الثنوية، كذا قال، وفسره بعض الشراح بأنه الذي يدعي أنه مع الله إِلَهًا آخر.
وتعقب بأنه يلزم منه أن يطلق على كل مشرك. والتحقيق ما ذكره من صنف في الملل أن أصل الزنادقة أتباع ديصان ثم ماني ثم مزدك. الأول بفتح الدال وسكون المثناة التحتانية بعدها صاد مهملة، والثاني بتشديد النون وقد تخفف والياء خفيفة. والثالث بزاي ساكنة ودال مهملة مفتوحة ثم كاف. وحاصل مقالتهم أن النور والظلمة قديمان، وأنهما امتزجا فحدث العالم كله منهما فمن كان من أهل الشر فهو من الظلمة، ومن كان من أهل الخير فهو من النور، وأنه يجب السعي في تلخيص النور من الظلمة فيلزم إزهاق كل نفس، وإلى ذلك أشار المتنبي حيث قال في قصيدته المشهورة:
وكم لظلام الليل عندك من يد ... تخبر أن المانوية تكذب
وكان بهرام جد كسرى تحيل على ماني حتى حضر عنده وأظهر له أنه قبل مقالته، ثم قتله وقتل أصحابه، وبقيت منهم بقايا اتبعوا مزدك المذكور، وقام الإسلام، والزنديق يطلق على من يعتقد ذلك، وأظهر جماعة منهم الإسلام خشية القتل، ومن ثم أطلق الاسم على كل من أسر الكفر وأظهر الإسلام حتى قال مالك: الزندقة ما كان عليه المنافقون، وكذا أطلق جماعة من الفقهاء الشافعية وغيرهم أن الزنديق هو الذي يظهر =

<<  <   >  >>