للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بيان ما أبطل الله أن يكون القرآن إلا وحيًا وليس بمخلوق

قوله: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} [النجم: ١] .

قال: وذلك أن قريشًا قالوا: إن القرآن شعر، وقالوا: أساطير الأولين، وقالوا: أضغاث أحلام، وقالوا: تقوله محمد من تلقاء نفسه، وقالوا: تعلمه من غيره، فأقسم الله بالنجم إذا هوى، يعني القرآن إذا نزل١ فقال: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى، مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ} يعني محمدًا ٢ {وَمَا


١ قال ابن القيم -رحمه الله- في كتاب "التبيان في أقسام القرآن" "ص: ١٥٢":
قوله تعالى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى، مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى، وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: ١-٣] أقسم سبحانه بالنجم عند هويه على تنزيه رسوله وبراءته مما نسبه إليه أعداؤه من الضلال والغي. واختلف الناس في المراد بالنجم فقال الكلبي عن ابن عباس: أقسم بالقرآن إذا نزل منجمًا على رسوله: أربع آيات وثلاثًا والسورة، وكان بين أوله وآخره عشرون سنة. وكذلك روى عطاء عنه، وهو قول مقاتل والضحاك ومجاهد، واختاره الفراء. وعلى هذا فسمى القرآن نجمًا لتفرقه في النزول. والعرب تسمي التفرق تنجمًا، والمفرق نجمًا، ونجوم الكتاب أقساطها، ويقول: جعلت مالي على فلان نجومًا منجمة، كل نجم كذا وكذا.
٢ قال ابن القيم -رحمه الله- في كتاب "التبيان في أقسام القرآن" "ص: ١٥٤":
وتأمل كيف قال سبحانه: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} ولم يقل: ما ضل محمد. تأكيدًا لإقامة الحجة عليهم بأنه صاحبهم، وهم أعلم الخلق به وبحاله وأقواله وأعماله، وأنهم لا يعرفونه بكذب ولا غي ولا ضل، ولا ينقمون عليه أمرًا واحدًا قط، وقد نبَّه على هذا المعنى بقوله: {أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ} [المؤمنون: ٦٩] وبقوله: {وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ} [التكوير: ٢٢] .

<<  <   >  >>