للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شك الزنادقة في قوله: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ}

...

وأما قوله:

{رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} [الشعراء: ٢٨] .

{رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} [الرحمن: ١٧]

{رَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ} [المعارج: ٤٠]

فشكوا في القرآن، وقالوا: كيف يكون هذا من الكلام المحكم؟ ١.


١ قال ابن القيم -رحمه الله- وهو يزيل هذه الشبهة: ومن هذا المعنى مجيء المشرق والمغرب في القرآن تارة مجموعين وتارة مثنيين وتارة مفردين، لاختصاص كل محل بما يقتضيه من ذلك، فالأول كقوله: {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ} [المعارج: ٤٠] والثاني كقوله: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: ١٧] والثالث كقوله: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً} [المزمل: ٩] فتأمل هذه الحكمة البالغة في تغاير هذه الأوضاع في الإفراد والجمع والتثنية بحسب مواردها يطلعك على عظمة القرآن وجلالته وأنه تنزيل من حكيم حميد، فحيث جمعت كان المراد بها: مشارق الشمس ومغاربها في أيام السنة، وهي متعددة، وحيث أفردا كان المراد: أفقي المشرق والمغرب. وحيث ثُنِّيَا كان المراد: مشرقي صعودها وهبوطها ومغربيهما فإنها تبتدئ صاعدة حتى تنتهي إلى غاية أوجها وارتفاعها فهذا مشرق صعودها، وينشأ منه فصلا الخريف والشتاء، فجعل مشرق صعودها بجملته =

<<  <   >  >>