للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم، فنعوذ بالله من فتن الضالين.


= وهذا يعم القول عليه سبحانه بلا علم في أسمائه وصفاته وأفعاله، وفي دينه وشرعه.
انظر: إعلام الموقعين "٣٨/١".
وقال أيضًا رحمه الله: وأما القول على الله بلا علم فهو أشد هذه المحرمات تحريْمًا وأعظمها إثْمًا، ولهذا ذكر في المرتبة الرابعة من المحرمات التي اتفقت عليها الشرائع والأديان ولا تباح بحال، بل لا تكون إلا محرمة، وليست كالميتة والدم ولحم الخنزير، الذي يباح في حال دون حال، فإن المحرمات نوعان: محرم لذاته لا يباح بحال، ومحرم تحريْمًا عارضًا في وقت دون وقت. قال الله تعالى في المحرم لذاته: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} ثم انتقل منه إلى ما هو أعظم منه فقال: {وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ} ثم انتقل منه إلى ما هو أعظم منه فقال: {وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا} ثم انتقل منه إلى ما هو أعظم فقال: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} فهذا أعظم المحرمات عند الله وأشد إثْمًا، فإنه يتضمن الكذب على الله ونسبته إلى ما لا يليق به، وتغيير دينه ونفي ما أثبته وإثبات ما نفاه، وتحقيق ما أبطله وإبطال ما حققه وعداوة من والاه وموالاة من عاداه، وحب ما أبغضه وبغض ما أحبه، ووصفه بما لا يليق به في ذاته وصفاته وأقواله وأفعاله.
فليس من أجناس المحرمات أعظم عند الله منه ولا أشد إثْمًا، وهو أصل الشرك والكفر، وعليه أسست البدع والضلالات، فكل بدعة مضلة في الدين أساسها القول على الله بلا علم.
ولهذا اشتد نكير السلف والأئمة لها وصاحوا بأهلها من أقطار الأرض وحذَّروا فتنتهم أشد تحذير، وبالغوا في ذلك ما لم يبالغوا في إنكار الفواحش والظلم والعدوان، إذ مضرة البدع وهدمها للدين ومنافاتها له أشد.
انظر: مدارج السالكين "٣٧٢/٢".

<<  <   >  >>