للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كُلِّ شَيْءٍ} لا يعني كلامه مع الأشياء المخلوقة.

وقال الله لموسى: {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي} [طه: ٤١] {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [آل عمران: ٣٠] .

وقال: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: ٥٤] .

وقال: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [المائدة: ١١٦] .

ثم قال: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران: ١٨٥] .

فقد عرف من عقل عن الله أنه لا يعني نفسه مع الأنفس التي تذوق الموت، وقد ذكر الله -عز وجل- كل نفس، فكذلك إذا قال: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الأنعام: ١٠٢] لا يعني نفسه ولا علمه ولا كلامه مع الأشياء المخلوقة١.


١ قال ابن بطة -رحمه الله- في كتاب "الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية" "١٧١/٢، ١٧٢": فيقال له: أما قولك: إن الكل يجمع كل شيء، فقد رد الله عليك ذلك وأكذبك القرآن، قال الله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران: ١٨٥] ولله -عز وجل- نفس لا تدخل في هذا الكل، وكذلك كلامه شيء لا يدخل في الأشياء المخلوقة، كما قال: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} [القصص: ٨٨] ، وقال: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ} [الفرقان: ٥٨] فإن زعمت أن الله لا نفس له، لقد أكذبك القرآن ورد عليك قولك، قال الله تعالى: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: ٥٤] ، وقال: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [آل عمران: ٢٨] وقال: {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي} [طه: ٤١] ، وقال فيما حكاه عن عيسى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [المائدة: ١١٦] فقد علم من آمن بالله واليوم الآخر أن كتاب الله حق، وما قاله فيه حق، وأن لله نفسًا وأن نفسه لا تموت، وأن قوله: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران: ١٨٥] لا تدخل في هذا نفس الله.
وكذلك يخرج كلامه من الكلام المخلوق، كما تخرج نفسه من الأنفس التي تموت =

<<  <   >  >>