للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم، وبينهما كذا وكذا سنة.

فلما أوحى الله إلى محمد -صلى الله عليه وسلم- سمع الملائكة صوت الوحي كوقع الحديد على الصفا فظنوا أنه أمر من الساعة، ففزعوا وخروا لوجوههم سجدًا، فذلك قوله: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} [سبأ: ٢٣] .

يقول: حتى إذا انجلى الفزع عن قلوبهم رفع الملائكة رءوسهم فسأل بعضهم بعضًا فقالوا: ماذا قال ربكم١. ولم يقولوا، ماذا خلق ربكم٢. فهذا بيان لما أراد الله هداه.

ثم إن الجهم ادعى أمرًا آخر فقال: أنا أجد آية في كتاب الله تبارك وتعالى تدل على أن القرآن مخلوق. فقلنا في أي آية؟.. فقال: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: ٢] .


١ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانًا لقوله، كأنه سلسلة على صفوان، فإذا فزع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا للذي قال: الحق، وهو العلي الكبير ... " إلى آخر الحديث. أخرجه البخاري "رقم: ٤٧٠١، ٤٨٠٠، ٧٤٨١".
٢ بوّب البخاري -رحمه الله- في كتاب التوحيد من صحيحه بابًا قال فيه: قول الله تعالى: {وَلا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [سبأ: ٢٣] ولم يقل: ماذا خلق ربكم. وقال جل ذكره: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} [البقرة: ٢٥٥] وقال مسروق عن ابن مسعود: إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السموات شيئًا، فإذا فزّع عن قلوبهم وسكن الصوت عرفوا أنه الحق، ونادوا: {مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ} ويذكر عن جابر عن عبد الله بن أنيس قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "يحشر الله العباد فيناديهم بصوت يسمعه من بَعُد كما يسمعه من قَرب: أنا الملك، أنا الديان".
صحيح البخاري، كتاب التوحيد: باب رقم ٣٢ "ص: ١٤٢٧" طبعة بيت الأفكار الدولية.

<<  <   >  >>