وخلق صوتًا فأسمع، وزعموا أن الكلام لا يكون إلا من جوف ولسان وشفتين.
فقلنا: هل يجوز لمكون أو غير الله أن يقول: {يَا مُوسَى، إِنِّي أَنَا رَبُّكَ}[طه: ١١، ١٢] ، أو يقول:{إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي}[طه: ١٤] فمن زعم ذلك فقد زعم أن غير الله ادعى الربوبية، ولو كان كما زعم الجهم أن الله كون شيئًا كان يقول ذلك المكون:{يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}[القصص: ٣٠] وقد قال جل ثناؤه: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}[النساء: ١٦٤] ، وقال:{وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ}[الأعراف: ١٤٣] وقال: {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي}[الأعراف: ١٤٤] . فهذا منصوص القرآن.
فأما ما قالوا: إن الله لا يتكلم، فكيف يصنعون بحديث الأعمش، عن خيثمة عن عدي بن حاتم الطائي: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ما بينه وبينه ترجمان" ١.
وأما قولهم: إن الكلام لا يكون إلا من جوف وفم وشفتين ولسان وأدوات. أليس الله قال للسموات والأرض:{ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ}[فصلت: ١١] .