قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الحديد: ٤] يدل على أنه تعالى مستوٍ على عرشه عالٍ على جميع خلقه، وقوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: ٤] يوهم خلاف ذلك. والجواب: أنه تعالى مستوٍ على عرشه كما قال بلا كيف ولا تشبيه، استواء لائقًا بكماله وجلاله، وجميع الخلائق في يده أصغر من حبة خردل فهو مع جميعهم بالإحاطة الكاملة والعلم التام ونفوذ القدرة سبحانه وتعالى علوًّا كبيرًا، فلا منافاة بين علوه على عرشه ومعيته لجميع الخلائق. ألا ترى -ولله المثل الأعلى- أن أحدنا لو جعل في يده حبة من خردل أنه ليس داخلاً في شيء من أجزاء تلك الحبة، مع أنه محيط بجميع أجزائها ومع جميع أجزائها، والسموات والأرض ومن فيهما في يده أصغر من حبة خردل في يد أحدنا، وله المثل الأعلى سبحانه وتعالى علوًّا كبيرًا، فهو أقرب إلى الواحد منا من عنق راحلته، بل من حبل وريده، مع أنه مستوٍ على عرشه، لا يخفى عليه شيء من عمل خلقه جل وعلا. ١ في نسخة د. عميرة: قريش. والتصويب من نسخة الشيخ الأنصاري ودرء تعارض العقل والنقل "١٧٨/٣" وبيان تلبيس الجهمية "٥٥١/٢" واجتماع الجيوش الإسلامية "ص: ٢٠٥". ٢ قال ابن تيمية -رحمه الله- في بيان تلبيس الجهمية "٥٥٣/٢". وأحمد -رحمه الله- ذكر ما يعلم بضرورة العقل من أنه إذا كان فيه وليس بمباين لأنه لابد =