فقلت لهم: قال الله تعالى: {أَتَى أَمْرُ اللَّه}[النحل: ١] فأمره كلامه واستطاعته ليس بمخلوق، فلا تضربوا كتاب الله بعضه ببعض، فقد نهينا عن ذلك".
قال حنبل: "وقال أبو عبد الله: واحتججت عليهم فقلت: زعمتم أن الأخبار تردونها باختلاف أسانيدها، وما يدخلها من الوهم والضعف، فهذا القرآن نحن وأنتم مجمعون عليه، وليس بين أهل القبلة فيه خلاف، وهو الإجماع.
قال الله -عز وجل- في كتابه تصديقًا منه لقول إبراهيم غير دافع لمقالته ولا لما حكى عنه، فقال:{إِذْ قَالَ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً}[مريم: ٤٢] فذم إبراهيم أباه أن عبد ما لا يسمع ولا يبصر؛ فهذا منكر عندكم. فقالوا: شبَّه، شبَّه يا أمير المؤمنين.
فقلت: أليس هذا القرآن؟ هذا منكر عندكم مدفوع، وهذه قصة موسى؛ قال الله -عز وجل- لموسى في كتابه حكاية عن نفسه:{وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى}[النساء: ١٦٤] فأثبت الله الكلام لموسى كرامة منه لموسى، ثم قال: يا موسى! {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي}[طه: ١٤] فتنكرون هذا، فيجوز أن تكون هذه الياء راجعة ترد على غير الله، أو يكون مخلوق يدعي الربوبية؟ وهل يجوز أن يقول هذا غير الله؟ وقال له:{يَا مُوسَى لا تَخَفْ}[النمل: ١٠]{إِنِّي١ أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ}[طه: ١٢] .