وخذ حام من الأمر حظه ... إذا صدقوا يوما على الحق واقبل
فإن جنحوا بالقول طاعة ... يريدون وجه الحق والعدل فاعدل
ولا تظهرن الجور في الناس يجتروا ... عليك به، واجعله ضربة فيصل
ولا تأخذن المال من غير وجهه ... فإنك إنْ تأخذه بالرفق يسهل
ولا تتلفن المال في غير حقه ... فإنَّ جاء مالا بد منه فأسدل
وداو ذوي الأحقاد بالسيف إنَّه ... متى بلق منك العزم ذو الحقد يعقل
وكن لسؤال الناس غيثا ورحمة ... ومن يك ذا عرف من الناس يسأل
وإياك والضيف الغريب فإنه ... سيثني بما تؤتيه في كل منزل
ثم رجع سبأ إلى اليمن، فبنى السد الذي ذكره الله تعالى في كتابه، واسمه العرم. وهو سد يقبل إليه سبعون واديا بالسيول. ولمّا أسس قواعد السد بناه ولم يتممه. وسبأ هو الذي قسم الملك بين ولديه حمير وكهلان، ونصب ولده حمير ملكا بعد أنْ جمع أهل مملكته، وأجلس ولده حمير عن يمينه وولده كهلان عن يساره، وقال للناس: هذا يصلح ليمني أنْ تقطع شمالي وهل يصلح لشمالي أنْ تقطع يميني؟ قالوا: لا يصلح ذلك لهما، فقال أرأيتم إنَّ غفلت عنها وأراد بعضهما أنْ يقطع بعضا، ما أنتم صانعون؟ فقالوا جميعا: نمنع اليمين عن الشمال، وتمنع الشمال عن اليمين، فقال: أعطوني العهود على ذلك. فأعطوه العهود والمواثيق على منع بعضهما من بعض، فقال: أيها الناس إني لم أرد بيدي إلاّ ولدي هذين حميرا وكهلان، ولا آمن أنْ يختلفا بعدي، فأعطوا حميرا من ملكي ما يصلح لليمين، وأعطوا كهلان ما يصلح للشمال. وإني جعلت حميرا عن يميني لأنه أكبر من كهلان، وجعلت له ما يصلح لليمين. وجعلت كهلان عن شمالي، لأنه أصغر من حمير، فجعلت له ما يصلح للشمال. فقالوا جميعا: يصلح لليمين، والسيف والقلم