وك الحارث الرائش يدعى بملك الأملاك. ولا ملك الأملاك إلاّ الله عز وجل، وقيل إنَّه لمّا توفي شدد بن قيس قام بعده ابنه الحارث وأخذ في أهبة المسير والغزو وأمر باتخاذ الخيل والسلاح، وعرك جزيرة العرب والحجاز واليمن، حتى استوسقت له. فلما اشتد ملكه وعلا سلطانه، خافته ملوك البلدان ورؤساء النواحي، فأتته هدية من ملوك الهند فاخرة، من مسك أذفر، وكافور وعنبر، وياقوت أحمر وجوهر، وجوار حسان، ومن تحف الصين. وتطلعت نفسه إلى غزو الهند فعبأ الجنود وأظهر أنه يريد بلاد المغرب بحرا وبرا، وعبأ السفن حتى إذا رأى أنَّ البحر قد أمكن، قدم رجلاً من أهل بيته يقال له يعفر بن عمرو بن شرحبيل بن
عمرو بن أبين بن ذي يقدم بن الصوار أبن عبد شمس في جيشه عظيم، وسار خلفه في خيل عظيمة حتى دخل أرض الهند. فقتل المقاتلة وسبى الذرية وغنم الأموال. ثم أقبل إلى اليمن، وخلف بعفر في أثنى عشر ألف فارس في أرض الهند، وأمره ببناء مدينة هنالك ليذكر بها فقام وابتنى مدينة لم ير مثلها، وسماها الرياشة فثقل هذا الاسم على العجم فسموه الراية، ويقال الواية، فأقام بها يعفر بن عمرو حينا، وخلف عماله وعاد إلى اليمن بالغنائم العظيمة، فراش بها حمير وكهلان، فسمى الرائش لذلك، مأخوذ من رياشة السهم، لأنه أدخل في اليمن ما لم يدخله قبله من السي، وممن يحسن الزراعة والصنع. فلما قسم الغنائم بين حمير وكهلان أمرهم أنْ يستعملوا البي وأهل السواد في إثارة الأرض، ففتق لهم العيون، ودلهم على اتخاذ