ثم إنَّ حمير حلفوا جميعاً لعمرو بن أسعد، إلا ذو رعين الأصغر، وهو شراحيل بن عمرو بن شمر ينعم بن شراحيل بن معدي كرب ذي عشم بن الغوث بن يعرب ينكف بن جديان بن لهيعة بن مثوب بن يرعن ذي رعين الأكبر. وذو رعين الأصغر هذا خال عمرو بن اسعد. فنهاه عن قتل أخيه، وأشار عليه أنْ لا يفعل ما أرادت حمير وقال له: ما قتل رجل أخاه أو بن عمه أو خاله إلاّ ندم، فأبى عمرو وكره مشورته وأكره خاله ذا رعين على الدخول مع حمير فيما دخلوا فيه، فقال له خاله: على شريطة، وهي أنْ تحفظ لي وديعة تجعلها عند بعض خدمك. وتشدد عليه في حفظها، فقال عمرو: ذلك لك، فكتب ذو رعين أبياتاً فيها هذين البيتين:
ألا من يشتري سهراً بنوم ... سعيداً من يبيت قرير عين
فإن تك حمير غدرت وخانت ... فمعذرة الإله لذي رعين
ودفع الرقعة إلى رجل من خدم عمرو، وشدد عليه عمرو في حفظها، ثم إنَّ عمراً وثب على أخيه حسان فقتله ورجع بالجنود إلى اليمن، فافترقت عليه حمير حتى ضعف عن الغزو، وسمي موثبان. ثم أنَّه ندم ندامة عظيمة على قتل أخيه حسان، وامتنع منه النوم، وشكا ما لقى من السهاد على خواصه، فقالوا: لا تقدر على النوم حتى تقتل الذين اشاروا عليك بقتل أخيك، فأمر بكل من أشار عليه بقتل أخيه، وحالفه على ذلك