الله، فاجعل شكره فيما فضلك به عليهم، إحسانك إليهم. واعلم إنَّ كل مستدعي سائمة يعيش من درها، ويستشعر من دفئها ويجب عليه حياطتها من التلف، وحفظها من السبع، ورد ضالتها، والحاق كسيرها، وتحصين حجرتها وارجاع كل
المراتع لها، من ذلك وإلاّ فحقيق أنْ يسترجع منه ما استرعى، ويسترد منه ما استودع، ويحبط ما صنع، ويعزل عن الرعاية، أحوج ما يكون من البلغة والكفاية. فاحذر أنْ تكون ذاك. وأنشد يقول:
اتق الله شر سواه ... وبتقوا اوص يا عبد شمس
أنت عبد الله ومن رعيت عباد ... الله نفس إذا تعيش كنفسي
هو ربي مفضل البعض في الرز ... ق على البعض ذاك في كل جنس
فله الشكر والحمد والحق ... علينا وحقه غير منسي
وتفقد مع الصباح رعايا ... ك وحطها بمثله حين تمسي
[ذكر ملك عبد شمس بن وائل]
فلما توفي وائل بن الغوث؛ قام بمقامه ابنه عبد شمس. فاجتهد وعاش في أهل عصره ميمون الطائر، نضر الأيام، لا ترداد به الرياسة إلاّ جدة، ولا تطوية الليالي إلاّ عن ادخار لعدة، واستعداد لنجدة. فلما بلغ من عمره منتهاه مثال حان في وطره أقصاه؛ جمع بنيه: الصوار وجشم - وفيه المدد من حمير - وزرعة ذو مناخ وقطن وينكف، ولهيبة، وموكف، ومرة، والحطيب، والصهيب والقفاعة فقال: