سبأ، فاشتدت أطناب المملكة للهميسع، واستحصدت مدايرها وآزره عمه كهلان؛ وهو شيخ كبير وقتا؛ ثم أقبل على ابنه زيد بن كهلان يوصيه بطاعة الهميسع بن حمير فقال: بني، إنَّ العمر واى وبقى من أبيك الأثر، فقم من أبن عمك مقام أبيك من أبيه وأنشأ يقول:
يا زيد إنَّ اباك اصبح نسره ... لا يستطيع إلى النهوض سبيلا
اليوم عمك خف عنا آفلا ... وغداً ستشهد من أبيك أفولا
يا زيد لا تعص الهميسع وانتظر ... ماعونه لك بكرة وأصيلا
يا زيد إنَّ لك الحجاز ونجدها ... وإليك أصبح خرجها محمولا
وإليك يرفع عن ثمود وغيرها ... عمرو بن جحدر خراجها المسؤلا
وإليك من عند الهميم رواحل ... بالخرج تداب في البلاد ذميلا
ولمّا توفي كهلان بن سبأ، قام زيد بن كهلان للهميسع قيام أبيه كهلان، وتقلد ما كان يتقلد من الأعمال في الأطراف والثغور، وجدد لهم العهود، فسمعوا له وأطاعوا، ودفعوا له الإتاوات. ثم إنَّ زيد بن كهلان جرد ابنه عمراً إلى مدين وما حولها، وأمرهم له بالسمع والطاعة ودفع الإتاوة، وكتب له كتاباً نسخته:
لعمرو بن زيد من أبيه وعمه ... ألوك من الأحياء من أهل مدين