للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الماء عند الجَيْبِ (١) ، أو بِرَشِّه رشًّا بين يدي المريض وثوبه (٢) . وقد (كانت أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، إذا أُتِيَتْ بالمرأة - قد حُمَّت - تدعو لها، أخذت الماء فصبَّتْه بينها وبين جيبها، وقالت: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُنَا أَنْ نَبْرُدَهَا بِالْمَاءِ) (٣) .

مسألة:

قد أشكل فهم هذا الحديث على بعض أهل الطب، ورأَوْه منافيًا لدواء الحمى وعلاجها، فما وجه فِقْه إبراد الحمى بالماء؟

الجواب: (إن خطابه صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث خاص بأهل الحجاز، وما والاهم، إذ كان أكثر الحُمِّيات التي تعرض لهم من نوع الحمى اليومية العَرَضية الحادثة عن شدة حرارة الشمس، وهذه ينفعها الماء البارد شُربًا واغتسالاً) (٤) . اهـ. [فإن أظهر الوجود أو اقتضت صناعة الطب أن انغماس كل محمومٍ في الماء أو صبه إياه على جميع بدنه


(١) الجَيْبُ: جيب الثوب وهو: ما يُدخل منه الرأس عند لبسه. انظر: المعجم الوسيط، (جاب) .
(٢) كما ذكره ابن حجر رحمه الله مستنبطًا ذلك من فعل أسماء رضي الله عنها. ونص قوله رحمه الله: (وأَوْلى ما يُحمل عليه كيفية تبريد الحُمّى ما صنعَتْه أسماءُ بنت الصديق رضي الله عنهما، فإنها كانت ترشّ على بدن المحموم شيئًا من الماء بين يديه وثوبه، فيكون ذلك من باب النشرة المأذون فيها، والصحابي - ولا سيما مثل أسماء التي هي ممن كان يلازم بيت النبي صلى الله عليه وسلم - أعلم بالمراد من غيرها، ولعل هذا هو السر في إيراد البخاري رحمه الله لحديثها عقب حديث ابن عمر المذكور، وهذا من بديع ترتيبه. اهـ. انظر: الفتح (١٠/١٨٦) .
(٣) متفق عليه من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما: أخرجه البخاري؛ كتاب: الطب، باب: الحمى من فيح جنهم، برقم (٥٧٢٤) ، ومسلم؛ كتاب: السلام، باب: لكل داء دواء واستحباب التداوي، برقم (٢٢١١) .
(٤) مستفاد من نص كلامٍ لابن القيم رحمه الله. انظر: الطب النبوي، ص: ١٨.

<<  <   >  >>