للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بقوله تعالى: {وَجَاءُوا بسحر عظيم} [الأعراف: ١١٦] ، وبسورة "الفلق" وقد اتفق المفسرون على أن سبب نزولها هو ما كان من سحر لَبيد بن الأعصم، كما ثبت في الصحيحين، وغيرهما (١) .

السادسة: في الفرق بين السحر وكلٍّ من: المعجزة، والكرامة، والطِّلَّسم.

- أما الفرق بين السحر والمعجزة، فمن وجهين؛ الأول: أن السحر يوجد من الساحر وغيره، وقد يكون جماعة يعرفونه ويمكنهم الإتيان به في وقت واحد، أو أن يقوم بعضهم بمعارضة وإبطال ما قام به البعض الآخر، أما المعجزة، فإن الله تعالى لا يمكّن أحدًا أن يأتي بمثلها، أو أن يعارضها. والثاني: أن الساحر لم يدّع النبوة، لكن المعجزة من شرطها اقتران دعوى النبوة والتحدي بها (٢) .

وأما الفرق بين السحر والكرامة: فالسحر يكون بأقوال وأفعال حتى يتم للساحر ما يريد، وأما الكرامة فهي تقع ابتداءً من الله عزَّ وجلَّ إكرامًا لعبده الصالح، وتصديقًا للنبي الذي اقتفى ذلك العبد الصالح أثرَه وأحسنَ اتِّباعَه، فلا تظهر الكرامة إلا على رجل صالح متبع لا مبتدع، لكن السحر لا يكون إلا على يد فاسق مبتدع (٣) . قال الإمام النووي رحمه الله: (وأما الفرق بين الولي والساحر فمن وجهين؛ أحدهما - وهو المشهور -: إجماع المسلمين على أن السحر لا يظهر إلا على فاسق، والكرامة لا تظهر على فاسق، وإنما تظهر على ولي، وبهذا جزم إمام الحرمين - أي الجويني رحمه الله - وأبو سعد المتولي وغيرهما. والثاني: أن السحر قد يكون ناشئًا بفعلٍ وبمزجٍ ومعاناة وعلاج، والكرامة لا


(١) انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٢/٤٥) .
(٢) المرجع السابق (٢/٤٧) ، وانظر كذلك صحيح مسلم بشرح النووي (١٤/١٧٥) .
(٣) انظر: علاج المسحور، تأليف: طه سعد، وسعد علي، ص ٣٠.

<<  <   >  >>