للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو شر محض لا خير فيه، ولا يجوز ذلك لقوله تعالى: {وَيَتَعَلَّمُونَ ... } فقد صرّحت الآية الكريمة بأن السحر مما يضر ولا ينفع، كما أن تعلمه هو ذريعة - ولا شك - للعمل به، والعمل به حرام مطلقًا كما تقرر قريباً، فيمتنع تعلمه سدًا للذريعة المفضية إلى الحرام (١) .

التاسعة: في بيان حكم الساحر، هل يعتبر كافراً، فيقتل ردة؟ أم غير كافر فيقتل حداً دفعاً لشره؟ أم يقتل قصاصاً لا حداً إن تعدى بقتل نفس معصومة؟ ثم هل يستتاب الساحر، وهل تقبل توبته؟ وما حكم الساحر الذمي؟

[التحقيق في المسألة الأولى منها: أن السحر إن كان مما يُعظَّم فيه غير الله تعالى؛ كالتعبد للشياطين أو الكواكب، وغير ذلك مما يؤدي إلى الكفر، فهو كفر بلا نزاع، ومن هذا النوع سحر التفريق، وهو سحر هاروت وماروت المذكور في سورة «البقرة» فإنه كفر بلا نزاع. وإن كان السحر لا يقتضي الكفر كالاستعانة بخواص بعض الأشياء من دهانات وغيرها، فهو حرام حرمة شديدة، ولكنه لا يبلغ بصاحبه الكفر. وعلى ذلك؛ فإن كان الساحر المسلم قد استعمل السحر الذي هو كفر فلا شك في أنه يُقتل كفراً، لقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» (٢) ، وأما إن كان الساحر قد عمل السحر الذي لا يبلغ بصاحبه الكفر، فهذا هو محل الخلاف بين العلماء، فمنهم من قال يقتل مطلقاً إذا عمل بسحره، سواء


(١) انظر: أضواء البيان للعلاّمة الشنقيطي (٤/٥٠٤) .
(٢) أخرجه البخاري. في مواضع عدة من صحيحه، منها: كتاب: الجهاد والسِّيَرْ، باب: لا يُعذّب بعذاب الله، برقم (٣٠١٦) ، عن ابن عباس رضي الله عنهما. وفي كتاب: استتابة المرتدين، باب: حكم المرتد ... ، برقم (٦٩٢٢) ، عنه أيضاً.

<<  <   >  >>