للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أصح الروايتين، - كما سبق - وقد رجّحه صاحب المغني (١) ، كما قد رجّحه العلاّمة ابن عثيمين رحمه الله (٢) ، والحافظ أبو بكر المالكي رحمه الله (٣) .

أما المرأة الساحرة: فحكمها حكم الرجل الساحر بما سبق من تفصيل، والله أعلم.

ثم هل يستتاب الساحر، وهل تقبل توبته؟

قال الإمام القرطبي رحمه الله: "ذهب مالك إلى أن المسلم إذا سحر بنفسه بكلام يكون كفرًا، يُقتل ولا يُستتاب ولا تُقبل توبته، لأنه أمر يَسْتَسِرُّ به كالزنديق والزاني، ولأن الله تعالى سمّى السحر كفرًا بقوله: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ} [البقرة: ١٠٢] . وهو قول أحمد بن حنبل وأبي ثور وإسحاق والشافعي وأبي حنيفة، رحم الله الجميع. وروي قتلُ الساحر عن عمر وعثمان وابن عمر وحفصة وأبي موسى الأشعري وقيس بن سعد، وعن سبعة من التابعين، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم: حَدُّ السَّاحِرِ ضَرْبُهُ [أو: ضَرْبَةٌ] بِالسَّيْفِ (٤) . خرّجه الترمذي وليس بالقوي (٥) .


(١) انظر: المغني مع الشرح الكبير، لابن قدامة المقدسي (١٠/١١٦) .
(٢) انظر: المجموع الثمين من فتاوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله (٢/١٣٤) .
(٣) انظر: عارضة الأحوذي، بشرح صحيح الترمذي، للإمام أبي بكر المالكي (٣/١٩٥) .
(٤) أخرجه الترمذي، كتاب: الحدود، باب: ما جاء في حد الساحر، برقم (١٤٦٠) ، عن جندب رضي الله عنه، وهو: جندب بن عبد الله بن كعب الأزدي، يقال له: جندب الخير أبو عبد الله قاتِلُ الساحر. اختُلِف في صحبته، وقال الحافظ في الإصابة: له صحبة. اهـ. انظر: الإصابة لابن حجر (١/٢٥٠) ، والاستيعاب لابن عبد البر (١/٣٤٣) . وقال الترمذي: بعد روايته الحديث: هذا حديث لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه، وإسماعيل بن مسلم المكي - أحد رواة الحديث - يُضعَّف من قِبَل حفظه، والصحيح عن جندب موقوفٌ، والعمل على هذا الحديث عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، وهو - أي: قتل الساحر - قول مالك بن أنس، وقال الشافعي: إنما يُقتل الساحر إذا كان يعمل من سحره ما يبلغ الكفر، فإذا عمل عملاً دون الكفر فلم ير - أي الشافعي - عليه قتلاً. اهـ.
(٥) انظر: الجامع الأحكام القرآن، للقرطبي (٢/٤٧) .

<<  <   >  >>