للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سؤال:

فإن قال قائل: معنى قول الله: (أن يقول له كن فيكون) إنما يكون فيكون.

قيل: الظاهر أن يقول له، ولا يجوز أن يكون قول الله للأشياء كلها كوني هو الأشياء؛ لأن هذا يوجب أن تكون الأشياء كلها كلاما لله عز وجل، ومن قال ذلك أعظم الفرية؛ لأنه يلزمه أن يكون كل شيء في العالم من إنسان وفرس وحمار وغير ذلك كلام الله، وفي هذا ما فيه.

فلما استحال ذلك؛ صح أن قول الله للأشياء كوني غيرها، وإذا كان غير المخلوقات فقد خرج كلام الله عز وجل عن أن يكون مخلوقا، ويلزم من يثبت كلام الله مخلوقا أن يثبت الله غير متكلم ولا قائل، وذلك فاسد، كما يفسد أن يكون علم الله مخلوقا، وأن يكون الله غير عالم.

فلما كان الله عز وجل لم يزل عالما؛ إذ لم يجز أن يكون لم يزل بخلاف العلم موصوفا، استحال أن يكون لم يزل بخلاف الكلام موصوفا؛ لأن خلاف الكلام الذي لا يكون معه كلام سكوت أو آفة، كما أن خلاف العلم الذي لا يكون معه علم جهل أو شك أو آفة، ويستحيل أن يوصف ربنا

<<  <   >  >>