للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤- واتهم بالغلو والتشديد، وإنما ذلك، لأنه كان يلتزم الفتوى بمشهور المذهب، ويتجنب الفتوى بالأقوال الضعيفة والشاذة، وهو ما عليه أهل العلم في المذهب.

٥- واتهم بمعاداة أولياء الله الصالحين، وهو لم يزد على الإنكار على "الفقراء المبتدعين المخالفين للسنة الذين نسبوا أنفسهم إلى الصوفية، ولم يتشبهوا بهم"١.

٦- كما رمي بمخالفة السنة والجماعة. "بناء منهم على أن الجماعة التي أمر باتباعها -وهي الناجية- ما عليه العموم. ولم يعلموا أن الجماعة ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه، والتابعون لهم بإحسان"٢.

ورغم هذه الحملة الشعواء، وهذه الاتهامات الخطيرة، فإن الشاطبي لم ينثن عن مواقفه التي يمليها عليه وفاؤه لعلمه واستشعاره لواجبه.

ففي هذا الجو المشحون ضده، عمد إلى تأليف كتابه "الاعتصام" الذي يعتبر أهم ما كتب في موضوع البدع٣.

وفي هذا الكتاب نجد مناقشة مطولة لأحد "شيوخ العصر" في فتوى أصدرها ضد "إمام مسجد" ترك الدعاء الجماعي في أدبار الصلوات زاعمًا أن ذلك ليس من عمل النبي صلى الله عليه وسلم والأئمة. فتصدى له الشيخ المشار إليه، ورد عليه ردا "أمرع فيه على خلاف ما عليه الراسخون، وبلغ من الرد -على زعمه- إلى أقصى غاية ما قدر عليه٤.

والغريب أن الشاطبي لم يسم هذ االشيخ نهائيا، رغم أن المناقشة له استغرقت نحو عشرين صفحة٥.


١ الاعتصام: ١/ ٢٨.
٢ الاعتصام: ١/ ٢٨.
٣ بهذا يشهد كثير من العلماء والكتاب، ومنهم الشيخ محمد رشيد رضا الذي قال ضمن ما قال: "وما رأينا أحدًا منهم -أي ممن كتبوا في البدع- هدي إلى ما هدي إليه أبو إسحاق الشاطبي من البحث العلمي الأصولي في هذا الموضوع" الاعتصام: ١/ ٤.
٤ الاعتصام: ١/ ٣٥٣-٣٥٤.
٥ الاعتصام: من ١/ ٣٥٤- إلى: ٢/ ٦.

<<  <   >  >>