سبقت الإشارة١ إلى "المقدمة الكلامية" التي افتتح بها الشاطبي كتاب المقاصد، وتعرض فيها لكون الشريعة معللة -جملة وتفصيلًا- برعاية مصالح العباد. وأعود الآن لهذا الموضوع لسببين هما:
١- كون تلك المقدمة جاءت قصيرة جدا "في صفحتين" بل يمكن اعتبارها قاصرة، بالنظر إلى الأهمية الكبرى لمسألة التعليل التي تشكل الأساس لنظرية المقاصد. فهي -لهذا- تحتاج إلى بسط أكثر مما جاء فيه هذه المقدمة المقتضبة.
٢- أنه أثار فيها -رغم اقتضابها أو ربما بسبب اقتضابها- أمورًا غير مسلمة، وتحتاج إلى مناقشة وتحقيق، وذلك عند إشارته إلى القائلين وغير القائلين بالتعليل.
[أحكام الشريعة بين التعليل والتعبد]
جاء في أول المقدمة المشار إليها من كتاب المقاصد قول الشاطبي: "ولنقدم قبل الشروع في المطلوب مقدمة كلامية مسلمة في هذا الموضع، وهي أن وضع الشرائع إنما هو لمصالح العباد في العاجل والآجل معًا. وهذه دعوى لا بد من إقامة البرهان عليها صحة أو فسادًا. وليس هذا موضع ذلك.