للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المقاصد وشروط المجتهد]

فلأول مرة -في حدود ما يعلم- نجد أن أول شرط لبلوغ درجة الاجتهاد هو "فهم مقاصد الشريعة على كمالها١ ونجد أن الشرط الثاني -والأخير- لا يخرج أيضًا عن المقاصد، وهو: "التمكن من الاستنباط بناء على فهمه فيها"٢. أي في المقاصد.

ولقد ظل الأصوليون -لعدة قرون- يسطرون لائحة طويلة بشروط المجتهد وما ينبغي أن يحصله من الدرجات العلمية، وبعضهم يزيد فيها، وبعضهم ينقص منها٣.

ثم جاء الشاطبي، فأعرض عن تلك اللوائح، طويلها وقصيرها، وحصر درجة الاجتهاد في أمر جامع: هو فهم مقاصد الشريعة على كمالها، وإلى حد التمكن من الاستنباط في ضوئها.

ولست أعني -أبدًا- أن السابقين، من فقهاء وأصوليين، لم يكونوا على بال من أمر المقاصد وضرورتها للمجتهد، وإنما أعني -فقط- أن بين الشاطبي وسابقيه


١ الموافقات، ٤/ ١٠٥-١٠٦.
٢ الموافقات، ٤/ ١٠٥-١٠٦.
٣ من غريب ما وقفت عليه أن الإمام ابن عرفة -هو معاصر للشاطبي، كما مر -يشنع على بعض الفقهاء إقدامهم على الفتوى، وهم لا يحسنون إعراب {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ! "المعيار، ٦/ ٣٨٢". ولست أدري هل كان أبو حنيفة ومالك يعرفان هذا "الإعراب"؟ ولا أسأل عمن قبلهما من المفتين والمجتهدين!

<<  <   >  >>