وأعني بالكليات العامة: الكليات النصية، والكليات الاستقرائية. فالكليات النصية هي التي جاءت في نصوص القرآن والسنة الصحيحة: مثل: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْل} و {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}{وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} ، ومثل:"لا ضرر ولا ضررا" و "إن الله كتب الإحسان على كل شيء" و "إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا، فلا تظالموا" و "إنما الأعمال بالنيات".
أما الكليات الاستقرائية، فهي التي يتوصل إليها عن طريق استقراء عدد من النصوص والأحكام الجزئية، كحفظ الضروريات، والحاجيات، والتحسينيات، وسائر المقاصد العامة للشريعة، والقواعد الفقهية الجامعة، مثل: الضروريات تبيح المحظورات والمشقة تجلب التيسير.
وأعني بالأدلة الخاصة، أو الأدلة الجزئية، الأدلة الخاصة بمسائل معينة، كآية كذا، الدالة على كذا، أو الحديث الفلاني الدال على حكم المسألة الفلانية، أو الأقيسة الجزئية.
فلا بد للمجتهد، وهو ينظر في هذه الجزئيات، من استحضار كليات الشريعة ومقاصدها العامة، وقواعدها الجامعة. لا بد من مراعاة هذه وتلك في آن واحد، ولا بد أن يكون الحكم مبنيًا على هذه وتلك معًا: أعني الأدلة الكلية، والأدلة الجزئية. فهذا ضرب من ضروب الاجتهاد المقاصدي ومسلك من مسالكه.