تخصيص الإمام الرازي بهذه الفقرة يرجع إلى الأسباب التالية:
١- لأن الشاطبي خصه وحده بالذكر في مسألة التعليل، ونسبه وحده إلى إنكار، التعليل إنكارا باتا، وهو ما يحتاج إلى نظر وتحقيق.
٢- لأن بعض الكتاب تابعوا الشاطبي فيما نسبه إلى الرازي١.
٣- لأن الرازي هو أحد أبرز الأصوليين. وقد صار كتابه "المحصول" محورًا لعشرات وعشرات من المؤلفات الأصولية التي جاءت بعده.
ولنستحضر -قبيل عرض موقف الرازي- أن الشاطبي يقول في مقدمة كتاب المقاصد "وزعم الرازي أن أحكام الله ليست معللة بعلة البتة، كما أن أفعاله كذلك" ثم يقول: "والمعتمد إنما هو أنا استقرينا من الشريعة أنها وضعت لمصالح العباد، استقراء لا ينازع فيه الرازي ولا غيره".
فالشاطبي لم يسم من المنكرين للتعليل أحدًا غير الرازي! ثم جعل إنكاره للتعليل باتا، وشاملًا لأفعال الله وأحكامه.
فأما أن ينكر الرازي التعليل الفلسفي، في كتاباته الكلامية -كما يفعل عامة الأشاعرة وهم يواجهون الفلاسفة والمعتزلة- فأمر وارد لا غرابة فيه. وتبقى الغرابة في نسبة هذا للرازي وحده، مع أنه لم يكن بدعًا في الأشاعرة. بل هو حين دفع على إنكار التعليل -تعليل الأفعال وليس تعليل الأحكام- إنما تكلم باسم
١ منهم العلامة المرحوم علال الفاسي "مقاصد الشريعة، ص٣" والأستاذ أحمد الخمليشي، الذي بالغ في الأمر حتى حشر الرازي مع الظاهرية في صف واحد! "وجهة نظر، ص٢٨٦".