للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"الأصحاب" أي الأشاعرة. فهو مثلًا- عند تفسير قوله تعالى {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} ١ قال: "قال أصحابنا: إنه سبحانه وتعالى لا يفعل فعلا لغرض، لأنه لو كان كذلك، كان مستكملا بذلك الغرض، والمستكمل بغيره ناقص بذاته، وذلك على الله تعالى محال٢ إلى آخر الاستدلالات الأشعرية٣ على إنكار التعليل، وهي الاستدلالات التي وصفها العلامة ابن عاشور بالسفسطائية كما تقدم.

وعلى كل حال، فالذي يعنينا من موقف الرازي، هو مذهبه في التعليل الأصولي الفقهي. وهو تعليل الأحكام الشرعية. تعليلًا ليس فيه إلزام لله -سبحانه- وليس فيه تحتيم على مشيئته.

وموقف الرازي من التعليل، ينبغي أن يؤخذ أساسًا من كتاباته الأصولية، وفي دائرة مذهبه الأصولي:

فالرازي من أهل القياس، ولا قياس بدون تعليل. بل مدار القياس على التعليل، تنظيرًا وتطبيقًا.

وأبرز ما يتجلى فيه موقف الرازي الواضح من التعليل، هو كلامه على "مسالك العلة" وبالذات على "مسلك المناسبة"٤ وذلك في كتابه الأساسي في موضوعنا، وهو موسوعته الأصولية "المحصول حيث يقول: "المناسبة تفيد ظن العلية، والظن واجب العمل به.


١ سورة البقرة، ٢٩.
٢ تفسير مفاتيح الغيب، ٢/ ١٥٤.
٣ مما يؤكد أن هنا إنما يحكي مذهب لأصحاب، هو أن هذه الآية التي ضمن تفسيرها إنكار التعليل، قد استدل بها نفسها عن إثبات التعليل، كما سيأتي قريبًا!
٤ وهو مسلك عقلي نظري، يتم من خلاله النظر في الحكم وفيما عسى أن تكون المصلحة التي شرع لأجلها، فإذا ظهرت مصلحة "يناسبها" ذلك الحكم، اعتبرت علة، بمقتضى تلك "المناسبة".

<<  <   >  >>